للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في البحر، وبلغت عدّتها خمسة عشر مركبا من الكبار، فكثرت رؤساء البحر، وكان لمراكبه في البحر صيت وشهرة، ومن أعظم رؤسائه أولا قبطان صمصوم وقبطان وردية، كانا نصرانيين فأسلما، وكانا مسعودين فصار لهما صيت في البحر فساعدت (٥٥) المقادير بغنائم البحر واطمئنان البرّ.

وكان مغرما بالأبنية الفاخرة كسوق الترك بتونس، فنمّقه على أبدع نظام ومسجده المشهور براس سوق (٥٦) الترك المذكور / ومدرسته الملاصقة للمسجد المذكور، وجعل للطّلبة مرتّبات وأرغفة وغير ذلك، وبنى بالسّوق المذكور ميضاة، وبنى سوق الجرابة والحمّام القريب منه وعدة فنادق لسكنى طائفة اللّوند، والبركة لبيع العبيد والحلي، وفتح باب البنات في شهر ربيع الأوّل سنة عشرين وألف (٥٧)، بعد ما كان مسدودا، وجعل عليه مصراعين وعدة حوانيت وسوقا قربه لبيع الغزل وعمرت في أيامه تلك الجهات بعد ما كانت خرابا والمار منها يخاف على نفسه نهارا.

وكان إبتداء الصّلاة في المسجد المذكور يوم الجمعة في شهر رمضان المعظم سنة خمس وعشرين وألف (٥٨).

ومن خيراته جلب الماء العذب على الحنايا (٥٩) المشتهرة به، وفرّق ماءها في المدينة في عدّة أماكن منها القبّة المرخّمة الّتي تحت صومعة جامع الزيتونة، لكنّ تلك المياه تارة تجري وتارة تتعطّل بحسب أمراء الوقت، فمنهم من يجريها بعنايته، ومنهم من يعطّلها باعراضه.

ومن خيراته بناء قنطرة مجردة من ناحية طبرية، فكانت من أجلّ القناطر منظرا وإتقانا ومتنزّها، وكان عليها برج في حياته، ثم زاد فيه (٦٠) بعده مولاه نصر آغة، ثم تولّع به ولد الداي المذكور أحمد شلبي فضخّمه، ثم صار بعده لحفيده أبي الحسن علي باي، فزاده ضخامة حتى ضرب به المثل.

ومن خيراته بناء / المواجل في الأماكن المعطشة، وجلب الماء من أماكن بعيدة لنفع المسافرين، وله صدقات عديدة (٦١).


(٥٥) كذا في ت، وفي ش وط: «فساعدة».
(٥٦) عن هذا المسجد أنظر ج مارسي G. Marcais : Manuel d' art musulman,Paris ١٩٢٧, ٢/ ٨٤٧ - ٨٤٩.
(٥٧) ماي - جوان ١٦١١ م.
(٥٨) سبتمبر - أكتوبر ١٦١٦ م.
(٥٩) في الأصول: «الحناية».
(٦٠) كذا في ط وت والمؤنس، وفي ش: «عليه».
(٦١) إنتهى نقله من المؤنس.