للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باسمه، ولما تيسّر له هذا الواقع بعث بالخبر إلى تونس، فوصل الخبر ثالث العيد، فاشتدّ الأمر على أهل الدّولة، واختلف رأيهم، ولم يفتح لهم من الرّأي إلاّ أن بعثوا جماعة من أكابر العسكر إلى المحلّة مع جماعة من العلماء ليقضوا بما فيه الصّلاح، فلمّا وصلوا خلعوا الحاج علي مامي جمل الدّاي، وولّوا الحاج محمّد بيشارة.

واحتوى علي باي على منصب أخيه، وتصرّفت الأمور عن إذنه، وهذه آخر محلّة خرجت في تصرّف محمّد باي، (وأوّل محلّة دخلت في طاعة علي باي) (٢٠٤).

ثمّ إنّه رحل من هناك فكانت له وقعة القرويين فكانت سببا لنفاقهم، فنزل بالفحص وأقام به أيّاما إلى أن تلاحق به العسكر، وأجمع رأيه أن يتوجّه إلى الكاف، فنزل قريبا منها، وبعث إلى تونس طالبا (٢٠٥) للمدافع، فسيّروا له ما أراد، وهناك جمع جموعه وقصد محاربة البلد، فنزل عليها ورمى المدافع وجعل العساكر [نوبا] (٢٠٦) في المتاريس فأصابت / المدافع أماكن من الحصار فتصدّعت ولم تقع.

وكان في العسكر جماعة لهم ميل إلى محمّد باي فبعثوا إليه يستنجدونه، وكان في ناحية الغرب، فجدّ في سيره راجعا ودخل الكاف ليلا، ومشت بينه وبين العسكر عدّة رسل، فاتّفقوا معه ومكّنوه من المحلّة، فاستشعر علي باي بذلك وكان منعزلا بمحلّته خارج العسكر، فلم يشعر إلاّ والمدافع مالت إليه، والعسكر الّذي كان معه صار عليه فسقط في يده، ورحل من ساعته للجريد حثيث السّير خوفا أن تصل الأخبار إلى من هناك فوصل قفصة، ولم يخبر المحلّة الّتي هناك فأمر برحيلها، ورجع كعادته على الطّريق الجادة، فلمّا تسامع أهل المحلّة هرب بعضهم، وأقبل عليه أهل الفساد من الأعراب أولاد سعيد وأتاه الشّيخ أحمد بن نوير وجماعة من المحاميد وجمع عظيم من دريد، وجاءت الأجناد من كلّ فجّ عميق، فأقبل بجمع لا يعلمه إلاّ الله، ولمّا قرب من القيروان أظهروا (٢٠٧) له الشّرّ، فلم يعرّج عليهم فنزل بالفحص وترادفت عليه النّجوع من كلّ بلاد.

ثمّ إنّ محمّد باي لمّا احتوى على المحلّة جدّد عهده مع أكابرها، وبعث إلى


(٢٠٤) ما بين القوسين ساقط من ط.
(٢٠٥) في ش: «طلبا».
(٢٠٦) إضافة من المؤنس.
(٢٠٧) في الأصول: «أظهر».