للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي ذي القعدة من سنة سبع وثمانين (١٩٦) وألف بعث إلى العسكر يستنجده فأمدّوه بعسكر ثالث ولكن لم يخرج (١٩٧) هو وبعث بمحلّة للجريد وسردارها محمّد رايس عرف طاباق المعدود في الدّايات، وقائده [القائد] (١٩٨) مراد، وبقي هو بمحلّته الثّانية، وجاءه الخبر بأنّ أخاه رحل من الجبل، وأنّه في جمع قليل، فطمعت نفسه في لقائه فلحقه وجدّ في طلبه بالسّير إلى أن لحقه بمكان يعرف بسبيبة، وكان يوم عيد الأضحى وعلي باي مقيم، فلم يشعر إلاّ والخيل أقبلت وأخبرته بأنّ أخاه قادم (١٩٩) عليه، وكان ذا حزم وشدّة، فأصلح شأنه وتهيّأ بجموعه فأدركه أخوه بمن معه، وكان غالب من معه أدركهم التّعب لعنف السّير، والتحقوا إبلا كثيرة أخذوها وبدا النّهب من العرب، فلمّا أمعنوا في النّهب دهمهم علي باي بمن معه، وحملوا حملة منكرة، وممّن كان في نجدته ذلك اليوم صهره شيخ العرب سلطان بن منصر (٢٠٠) بن خالد وجماعة من الصبايحية، فقابلوهم بنفوس أبية، فلم تمض ساعة إلاّ وهزموهم (٢٠١).

وكان عسكر المحلّة أدركه التّعب فما وصلوا وبهم قوة، فلمّا رأوا المنهزمين نصبوا خيمهم وتحصّنوا بها فبعث إليهم علي باي يأمرهم أن يدافعوا عن أنفسهم خوفا عليهم من العرب / وقتل من الفريقين من حضر أجله، وفرّ محمّد باي إلى الكاف بمن قدر معه.

وغنم أصحاب علي باي ما خلفه أخوه وعجز عن حمله، وكان شيئا مستكثرا لاستصحابه (٢٠٢) في هذه الوجهة (٢٠٣) من الذّخائر ما لا يوصف، فامتلأت أيدي العرب من المال والأمتعة.

ولمّا انفصل الحرب بعث إلى أكابر العسكر وأمّنهم وسكّن روعتهم، ثم بعث جماعة من أصحابه إلى المحلّة الّتي توجّهت نحو الجريد، فاستوثقوا بها وجبيت المجابي


(١٩٦) جانفي ١٦٧٧ م.
(١٩٧) «لم يخرج إلاّ والفشل دبّ في أكثرهم وخامرهم الرّعب ولم تطمع نفوسهم بالنّجاة إلى القيروان فلمّا وصلوا إلى من تبقى من إخوانهم من العسكر إنتخب منهم جماعة مستفيضة وبعث إلى الجريد محلّة مشحونة. . .». المؤنس ٢٥٤، وهو ينقل منه باختصار.
(١٩٨) إضافة من المؤنس.
(١٩٩) في الأصول: «قادما».
(٢٠٠) في الأصول: «سلطان بن نصر» والتّصويب من المؤنس.
(٢٠١) في ش: «هزمهم».
(٢٠٢) في ت وب وط: «لأصحابه».
(٢٠٣) كذا في المؤنس ص: ٢٥٥، وفي ش: «الوجه»، وفي ت: «الرجعة».