للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشّريف [وجها للصلح] (٥٢١) على أن يعطيهم جانبا من المال له خطر عظيم وألف بعير على شرط أن يقطعوا رؤوس من عندهم ممّن تسبّب في إنشاء الفتنة ويرسلون له رؤوسهم، ويعطيهم أولاده رهائن حتّى يستوفوا ما طلبوا، فصعب عليه إرسال أولاده وقال: والله لا أفعل هذا ولو قطّعت إربا إربا، فقام خليفته إذ ذاك المرحوم برحمة الله سيدي حسين باي وقال لإبراهيم الشّريف: إذا لم تطب نفسك بإرسال أولادك فأنا أرضى أن أكون بنفسي عوضا عن أولادك رغبة في إطفاء نار هذه الفتنة حتّى تستوفي لهم ما طلبوا، وانفصل الفريقان عن هذا الرّأي، فذهب الرّسل إلى أكابر عساكر الجزائر يخبرونهم بما انفصل عنه المجلس، وإذا بابراهيم الشّريف أذن لجميع جنده بالرّحيل لمقاتلة العساكر الجزيرية فسمع الخليفة المذكور ذلك فاستكره ورآه نقضا للعهد، فعارضه فلم يقبل لما في سابق (٥٢٢) قضاء الله وقدره.

[الكامل]

إذا لم يكن عون من الله للفتى ... فأوّل ما يجني عليه إجتهاده

فلمّا رآه مصمّما لم يسعه إلاّ الإسعاف إذ هو مشير ناصح وليس عليه الإلجاء فعند ذلك إستدعى آغة صبايحية الترك وأوقفه على مائتين من صبايحيته في طريق معلوم وأمره / بتثبيت قدمه، وعين غيره من الآغوات في محلّ مخصوص، وتقدّم ببقيّة العسكر ليأمرهم بالنّزول، وصعد إبراهيم الشّريف إلى محلّ هناك فأبصر عساكر الجزائر وقد انحدرت كالسّيول وانتشرت على وجه البسيطة بأنواع المشاة والخيول، فلمّا رآى إبراهيم الشّريف ذلك كسّر في درعه، فلم يكن له من الرّأي إلاّ إستدعاء الخليفة للإستشارة وقد بدت بروق الحرب ورعوده، فقال: لا يسعني أن ألوي عناني في مثل هذا الموقف الصّعب الهائل (٥٢٣)، وما بقي إلاّ ثبوت الأقدام على المصاف، فألحّ عليه بالإرسال لتزلزل قدمه وذهاب جأشه لما أراد الله من زوال ملكه، فلما أيس إبراهيم الشّريف منه إستدعى آغوات (٥٢٤) الصبايحية ممتثلة (٥٢٥) ولم تنظر في وخامة عاقبة هذه الإجابة، فلمّا وصلت


(٥٢١) إضافة مستوحاة من الحلل ٢/ ٧٠٤، يقتضيها السّياق.
(٥٢٢) في الأصول: «لما سبق في سابق».
(٥٢٣) في ط: «الحائل».
(٥٢٤) في ط: «استدعى على أغوات».
(٥٢٥) في ط: «تمثله».