للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خيوله الّتي استدعاها وجدوه في مكان وعر لا يمكنهم وصوله فساروا في ظلّ الكهف، وكلّما استرجعهم الخليفة لم يقبلوا فتفرّقت عساكر إبراهيم الشّريف، واختلّ (٥٢٦) المصاف وأخذوا في القهقرى (٥٢٧)، فازدحمت الأعراب على إمساك إبراهيم الشّريف إلى أن وقع في شعاب (٥٢٨) يعسر الخلاص منها، فأحاطوا به فأيس من الخلاص، فقاتل بقدر الطّاقة فكبت به فرسه مرارا إلى أن مسكوه حيّا وساروا به لحاكم العساكر الجزائرية، فانهزم الباقي من عساكره، فقيّد ونصب عليه العسس في ثمانية عشر من ربيع / أوّل سنة سبع عشرة ومائة وألف (٥٢٩)، فكانت مدّته ثلاث سنين وشهرين وخمسة أيّام.

ثمّ أخذوا طابعه وأرسلوه إلى أخيه محمّد ببرج الكاف على أنّه يأتي طوعا أو كرها (ويضاف إلى أخيه في قيد واحد) (٥٣٠)، وكان بالبرج تسعمائة نفس فثبت البعض على القتال، وطلب البعض المسالمة، فلم ينفصلوا عن طائل، فقام السلاقجي أحمد (٥٣١) وكان رئيس القوم إذ ذاك فقال: من الرّأي أن نسير بأنفسنا ونشاهد إبراهيم الشّريف بأعيننا فإن كان محبوسا عندهم فما لنا إلاّ التّسليم، وإلاّ دافعنا عن أنفسنا، فسار ورجع عند الغروب، وأخبرهم بما عاين، فسلّموا (٥٣٢) محمّد أخا إبراهيم الشّريف لطالبه، فلمّا وصل وضعوه في الأغلال مع أخيه إبراهيم، وأخرجوا جماعة العسكر من البرج بغير سلاح، ونهبوا ما فيه من سلاح وذخيرة طعام تكفيهم سنين متطاولة (٥٣٣).


(٥٢٦) في ش: «اختلت».
(٥٢٧) كذا في ط وب، وفي ش: «القهقرا».
(٥٢٨) في الأصول: «شعب»، وفي الحلل ٢/ ٧٠٦: «يعسر تخلص المنفرد منها».
(٥٢٩) ١٠ جويلية ١٧٠٥ م.
(٥٣٠) في الأصول: «يأتي طوعا أو كرها إلى أخيه» والتّصويب من الحلل السّندسيّة ٢/ ٧٠٧.
(٥٣١) في الأصول: «محمد» والتّصويب من الحلل.
(٥٣٢) في الحلل ٢/ ٧٠٧: «ونزلوا بمحمد أخي إبراهيم الشّريف بالسّبحة ودلائل الخيرات على وجه الأمان. ولما وصلهم وصلوه بالأغلال مع أخيه إبراهيم الشّريف ولم يكن للعهد والأمان إلاّ ما شاهدوه لفظا» الحلل السّندسيّة ٢/ ٧٠٧.
(٥٣٣) «ومن المال والأثاث ما يخرج عن الحصر، ونهبوا البلاد والعباد، وأضرّوا بالنّساء والبنين، وتصرّفوا فيهم تصرف من يزدري بالبعث، وليس له عن خبر الوقوف بين يدي أحكم الحاكمين بحث، حتّى أنّ الذي احتمى بزاوية أو بيت من بيوت الله أخرجوه كرها وسلبوه، ونبهوه عن الجبن والخذلان ونهبوه، وخرّبوا الدّور والمساكن وحاكمهم فرح بما يحزنه يوم الفزع الأكبر وكل من سوّد الله وجهه بذلك الغرور وسلم في القلعة ندم حيث لا ينفعه الندم، وباء بالإدبار وفضيح الأخبار» الحلل السّندسيّة ٢/ ٧٠٧ - ٧٠٨.