للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون منهم إلاّ من أظهر رأسه من الطّيقان، فكلّ من أظهر رأسه أصابوه، وطلعوا في رؤوس القلوع يرمون منها ما قدروا عليه، وكان رجوع المسلمين لصفاقس آخر يوم من شعبان سنة ستّين ومائة وألف (٢٥).

ولمّا سافرنا لبرّ (٢٦) المشرق ونزلنا بلادهم على الصّلح، فرأيناهم صوّروا مراكبهم وسفائن صفاقس قادمة عليهم وصورة الكور والحرائق والدّخان، وأبقوا ذلك مصوّرا في كنائسهم، ووجدنا بعضهم أعرج، فسألناهم عن سبب عرجهم فقالوا: واقعة رأس المخبز، فذلك دليل على عظم / مصابهم.

وأنشد في هذه الواقعة أبو عبد الله محمّد الخميري - عفا الله عنه - هذه الأبيات وكتبت على ضريح المعلّم أسطى أحمد السيالة - رحمه الله تعالى - وهي:

[الرّجز]

الحمد والشّكر له (٢٧) تعالى ... هذا ضريح أحمد السّياله

هذا شهيد المعترك في الغزو ... من قبل رمضان بيوم يحوى (٢٨)

في عام ستين وألف ومائه ... فيا لها من غزوة مستكمله

بها قد استشهد أربعون (٢٩) ... عدة جرحاهم بها ستّون

يا ربّ سامح جمعهم والحقنا ... بهم على الإيمان واعف عنّا

ولمّا رأى البلنسيان ما حلّ بهم وانقطع طمعهم من رأس المخبز لما خافوا إن عادوا أخذوا سارعوا لطلب السّلم مع سلاطين تونس، ولمّا سمع (٣٠) أهل مالطة بهذه الواقعة فرحوا وانتهزوا الفرصة، فخرجوا لفسادهم في البحر وظنّوا أنّ أهل صفاقس أصابهم قرح يفشلهم مع أنّ أهل صفاقس نزّلوا الشّهداء ودفنوهم والجرحى للعلاج، وضربوا طبلهم على الفور وخرجوا في طلب الكفّار في (٣١) كلّ جهة، فالتقوا بمركب فرنجي سلما (٣٢)


(٢٥) ٥ سبتمبر ١٧٤٧ م.
(٢٦) في ط: «بلاد».
(٢٧) في ت وب: «لله».
(٢٨) في ت: «يجرء».
(٢٩) في ت: «أربعين».
(٣٠) في ت وش: «سمعوا».
(٣١) في ط وب وت: «من».
(٣٢) في ط: «أسلماه».