للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسقالة لأنّها جاءت في نحر العدوّ وهو متوجّه إليها بالقصد أكثر من غيرها، وعيّن لكلّ مكان من يقوم به من رماة (٦٦) وحرّاس وقرّاء وغير ذلك، ورتّب أهل الخير رجالا لحمل الماء لشرب النّاس ليلا ونهارا، وكثرت صدقات (٦٧) أهل الفضل، وواسى الغني الفقير، ورتّب أهل الفضل / بالإسقالة الطّعام لمن يبيت من الغرباء بالإسقالة وغيرها، وصارت الأرض كأنّها مسجد من مساجد الله {يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ، رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ} (٦٨)، فلا تسمع بها إلاّ تلاوة لكتاب الله، أو صلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم أو تهليلا أو تكبيرا برفع صوت ونشاط وحزم، إظهارا لعزّة الإسلام وإرهابا لأهل الكفر والضّلال، وإذا جنّ الليل (٦٩) ترك النّاس خيامهم (٧٠) فيذهب أهل الجانب الشرقي لأهل الجانب الغربي، وأهل الجانب الغربي لأهل الجانب الشرقي زيادة في الحرس وإيقاظا وتنشيطا، فمنهم الرّاكب ومنهم الرّاجل، ولا نوم لأحد بطول الليل، بل رباط مستمرّ ليلا ونهارا، فانتظم أمر النّاس والتأم شملهم طلبا لرضاء الله وإظهارا لكلمة الله العليا، وقمعا لكلمة الذين كفروا السفلى، فانتظر الكفّار سكون البحر والرّيح، فلمّا أحسّوا بذلك شرعوا في الحرب، فأنشؤوا أنشولات إثني عشر، وهي مراكب واسعة قصيرة الجوانب، ملؤوها بالرّجال وآلات الحرب من المدافع والبونبات ومهاريسها، ولهم مراكب يسمّونها هويات معدّة لرمي البونبة، فركّبوا مدافعهم ومهاريسهم وما يحتاجونه، وشرعوا في الحرب أوّل يوم من الزّوال إلى الغروب، فوقع الرمي من المسلمين والكافرين فصار الجوّ ليلا مظلما من الدّخان، فلا يسمع إلاّ صوت القوارع والصواعق / على وجه الأرض وفي جوّ السّماء، فكثر الرّمي من الجانبين وعجز النّاس عن الإحصاء لأنّه يخرج مع الوجه (٧١) الواحد عدة وجوه من الجانبين دفعة واحدة لتعدّد أماكن الرّمي من الجانبين، وكلّما فرغ وجه عمّر غيره (٧٢) من غير فتور لأنّ على كل مدفع جماعة، فالبعض للمسح والبعض للتّبريد، والبعض للجرّ،


(٦٦) في ش: «رمات».
(٦٧) في ش: «صدقاة».
(٦٨) إقتباس من الآية ٣٦ - ٣٧ من سورة النّور.
(٦٩) في الأصول: «اليل».
(٧٠) ساقطة من ط، وفي ش: «من خيامهم».
(٧١) يقصد رمي المدافع وقصفها.
(٧٢) تعمير المدافع من الكور وغيره.