للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى عنه - يقول: سمعت شيخي عبد الرّزّاق (٣٢٩) يقول: إجتمعت بالخضر - عليه السّلام - سنة ثمانين وخمسمائة (٣٣٠) فسألته عن شيخنا أبي مدين، فقال: هو إمام الصّدّيقين (٣٣١) في هذا الوقت وقد أعطاه الله مفتاحا من السّرّ المصون بحجاب القدس، فما في هذا الوقت (٣٣٢) أجمع لأسرار المرسلين منه، ثم إنّ أبا مدين مات بعد ذلك بيسير.

وقال الشّيخ محيي الدّين بن عربي (٣٣٣) - رضي الله تعالى عنه - ذهبت أنا وبعض الأبدال إلى جبل قاف، فلمّا مررنا على الحيّة المحدقة به سلّمنا (٣٣٤) عليها فردّت علينا السّلام ثمّ قالت: من أي البلاد أنتم؟ فقلنا لها: من بجاية من أرض المغرب، فقالت: ما حال أبي (٣٣٥) مدين مع أهلها؟ فقلنا لها: يرمونه بالزندقة ويؤذونه أشد الأذى (٣٣٦)، فقالت: عجبا والله لبني آدم كيف يؤذون أولياء الله؟ والله ما كنت أظنّ أنّ الله عزّ وجلّ يوالي عبدا من عبيده فيكرهه أحد (٣٣٧)، إنّه (٣٣٨) والله ممّن اتّخذه الله وليّا وأنزل محبّته في قلوب عباده، فقلنا لها: ومن أعلمك به؟ فقالت: أعلمني به الله عزّ وجلّ (٣٣٩) اهـ‍.

وقد أجمعت المشايخ على تعظيمه وإجلاله، وتأدّبوا بين يديه، وكان جميلا ظريفا متواضعا زاهدا ورعا محقّقا، قد إشتمل على أكرم الأخلاق - رضي الله تعالى عنه - وكان يقول: ليس للقلب إلاّ وجهة واحدة، متى توجّه إليها حجب عن غيرها، وكان


(٣٢٩) قال الشّعراني: «شيخه الشّيخ عبد الرّزّاق الذي بالإسكندرية قبره، من أجلّ أصحاب سيدي الشيخ أبي مدين المغربي، وله كلام عال في الطّريق، وزاويته وضريحه بالأقصر من صعيد مصر الأعلى.
(٣٣٠) ١١٨٤ - ١١٨٥ م.
(٣٣١) هذا القول غير موجود في ترجمة أبي الحجاج الأقصري في الطّبقات، وإنّما ذكره في ترجمة أبي مدين ١/ ١٥٤.
(٣٣٢) السّاعة.
(٣٣٣) في الفتوحات.
(٣٣٤) «فقال لي البدل: سلّم عليها فإنها تردّ عليك السّلام فسلّمنا عليها».
(٣٣٥) في ش: «ابن».
(٣٣٦) في ش وب وت: «الأذا».
(٣٣٧) في ت: «اخوانه»، وفي ط: «لعباده».
(٣٣٨) ساقطة من ط وب.
(٣٣٩) تصرّف المؤلّف في نقل كلام إبن عربي.