للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحابه، فساروا بالبنت وأبيها على صورة زفاف العرس، فلمّا وصلوا لأهل البنت أخبرهم أبوها بخبره، وأمرهم أن يكرموا سيدي إبراهيم وقومه بذبح شاة لكلّ فارس، ودخل زوج البنت عليها فوجدها سالمة من إصابة الرّجال، ففرح أبوها ودعا (٤٩٧) لسيدي إبراهيم بأن يجعله الله من أوليائه الصّالحين، فاستجاب / الله دعاءه.

ثمّ إنّ الشيخ سيدي إبراهيم سار ومعه الإثنان والستّون راجعا إلى أهله، فلمّا وصلوا للعلوين، إسم موضع قرب سيدي عمر بن حجلة (٤٩٨) بنواحي القيروان، وجدوا قفلا (٤٩٩) محمّلا ببضائع القيروان من النّحاس والجلد وغيرهما، وهو نازل من القيروان للمحرس، وكان به سوق ومرسى، وفي هذا القفل (٤٩٩) سيدي أبو الحسن علي العبيدلي - المقدّم الذّكر - فعند وصولهم شنّوا الغارة على القفل (٤٩٩) وأخذوا ما فيه، فجاءهم الشيخ العبيدلي وقال: كيف تأخذون قفلا وأنا غفيره، فقالوا له: خذ ما تعرفه لك والباقي يمضي عليه الأخذ، فقال: أنا غفير أغفر الكلّ، ثمّ قال: من زميم (٥٠٠) القوم فيكم؟ فقالوا له: إبراهيم بن يعقوب فناداه فأجابه، فقال له: تعال (٥٠١)، خذ هذه الوصية الحسنة، هي لك عندي، فحسب أنّها ذخيرة يخصّه بها ليسلم القفل، فلمّا قرب منه وأصغى إليه بأذنه تمكّن منه الشيخ العبيدلي وعلاة ضربا على رأسه وظهره وقال:

تب وارجع إلى الله من هذه الفعائل القبيحة وأنا ضامنك وذريتك ومن يحبّه قلبك، فأنا حاملكم على عاتقي، ودعا له بخير، فاجتذبه بهمّته وأناله ما كتب الله له على يديه، وقال له: كلّ من عاداك فهو هالك، ولو كثرت أعداؤك فهم ممحوقون، وكساه الخرقة وأعطاه السّبحة، فأخذه الجذب، وجعل يذكر الله حتّى غلبه الوجد والحال، ورآى إجابة دعوة أبي البنت، ولمّا رأى رفقاؤه ما حلّ به انبهتوا ولم يقدروا على النّطق / وأومأ إليهم فجاؤوا ركضا، فلمّا وصلوا رشّهم الشّيخ بريقه فأخذهم من الوجد ما أخذ زميمهم (٥٠٠) وقالوا: أطعنا هذا الشيخ، ولمّا كان زميمنا في البغي فهو زميمنا في الهدي والطّاعة، ولم يتأخّر عن الدّخول في الطّاعة إلاّ الإثنان الزّائدان على الستّين، إسم أحدهما رشاشي، واسم الثّاني مريش من أولاد زيد، فبقيا على بغيهما وطلبا الفساد ولم يلتفتا


(٤٩٧) في ش: «ودعى».
(٤٩٨) سيدي عمر بن حجلة من ولاية القيروان تسكنه قبيلة جلاص البربرية المتعرّبة.
(٤٩٩) يقصد القافلة.
(٥٠٠) كلمة عامية تعني الزّعيم.
(٥٠١) في الأصول: «تعالى».