للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من اللَّه وتدريجاً لعبده، ولكن نحن جئنا إلى مولود خرج من امرأة يأكل ويشرب ويبول ويبكي فقلنا: هذا إلهنا الذي خلق السماوات والأرض فامسك القوم عنه (١).

هناك بعض التنبيهات:

أولاً: إن محل العقل القلب وهو صريح قول اللَّه تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور (٤٦)} [الحج]. قال الشيخ محمد الشنقيطي رحمه الله: ومن الخطأ قول الفلاسفة: إن محل العقل الدماغ، وقد تبعهم في ذلك قليل من المسلمين، وعامة علماء المسلمين أن محل العقل القلب، فمن ذلك: قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَانَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَاّ يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٧٩]. فعابهم اللَّه بأنهم لا يفقهون، والفقه - الذي هو الفهم - لا يكون إلا بالعقل، فدلَّ ذلك على أن محل العقل القلب، وقال تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ١٤].

وفي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي اللهُ عنهما: «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ: أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ» (٢). فإذا آمن القلب، آمنت الجوارح: بفعل المأمورات وترك المنهيات، لأن القلب أمير البدن؛ وذلك يدل دلالة واضحة: على أن القلب ما كان كذلك، إلا لأنه محل العقل الذي به


(١) جامع الآداب لابن القيم (١/ ٢١٨) من كلام ابن القيم تحقيق اليسري السيد محمد.
(٢) ص: ٣٤ برقم ٥٢، وصحيح مسلم ص: ٦٥١ برقم ١٥٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>