للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغته العذاب فخسف اللَّه به وبداره الأرض، فما كان له من جماعة أو عصبة أو جنود ينصرونه فما نصر ولا انتصر، ثم عرف الذين تمنوا مكانه بالأمس من الذين يريدون الحياة الدنيا أن اللَّه يضيق الرزق على من يشاء ويبسطه لمن يشاء، وعلموا أن بسطه لقارون ليس دليلاً على محبته وأن اللَّه مَنَّ عليهم فلم يعاقبهم على قولهم وإلا أصبح حالهم الهلاك كقارون لعنه اللَّه.

ولما ذكر اللَّه تعالى حال قارون وما صارت إليه عاقبة أمره رغّب في الدار الآخرة، وأخبر أنها دار الذين لا يريدون علوًّا أي رفعة وتكبراً على عباد اللَّه ولا فساداً وهذا شامل لجميع المعاصي، وهؤلاء هم المتقون الذين لهم العاقبة الحميدة كما قال تعالى: {وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِين (٣٥)} [الزخرف] (١).

ومن فوائد الآيات الكريمات:

أولاً: إن المال يكون وبالاً وحسرة على صاحبه إذا لم يستخدمه في طاعة اللَّه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُون (٣٦)} [الأنفال]. وقال تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُون (٥٥)} [التوبة].

ثانياً: إن كثرة المال ليست دليلاً على محبة اللَّه ورضاه عن العبد،


(١) تفسير ابن سعدي ص: ٥٩٤ - ٥٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>