للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُم رَاعٍ، وَكُلُّكُم مَسْؤُوْلٌ عَن رَعِيَّتِه» (١). وإذا قام بحقوق الأمة وجب له عليهم حقان: الطاعة، والنصرة ما لم يوجد من جهته ما يخرج به عن الإمامة، والذي يخرج به عن الإمامة شيئان: الجرح في عدالته، والنقص في بدنه (٢). اهـ (٣)

ومن الأمثلة على الخلفاء الذين تولوا أمور المسلمين، فقاموا بها حق القيام: الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقد روى ابن أبي شيبة من حديث عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: انْظُرُوا مَا زَادَ فِي مَالِي مُنْذُ دَخَلْتُ فِي الْخِلَافَةِ، فَابْعَثُوا بِهِ إِلَى الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِي، فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَسْتَحِلُّهُ، وَقَدْ كُنْتُ أَصَبْتُ مِنَ الْوَدَكِ نَحْوًا مِمَّا كُنْتُ أَصَبْتُ مِنَ التِّجَارَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا مَاتَ نَظَرْنَا، فَإِذَا عَبْدٌ نُوبِيٌّ يَحْمِلُ صِبْيَانَهُ، وَنَاضِحٌ كَانَ يَسْقِي عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ، قَالَتْ: فَأَخْبَرَنِي جَدِّي، أَنَّ عُمَرَ بَكَى وَقَالَ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ تَعَبًا شَدِيدًا (٤).

ومنها: الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ففي إحدى السنوات أصيب الناس في عهده بمجاعة شديدة أجدبت الأرض، واسودت، وانقطع المطر، وسمي ذلك العام عام الرمادة، فكان يأكل الخبز والزيت، وينقر بطنه بأصبعيه، ويقول: إنه ليس عندنا غيره حتى


(١) صحيح البخاري برقم (٢٥٥٨)، وصحيح مسلم برقم (١٨٢٩).
(٢) الأحكام السلطانية، لأبي يعلى الفراء (ص: ٢٧ - ٢٨).
(٣) وتنزيل ذلك على الواقع راجع لأهل الحل والعقد من العلماء وذوي الشأن.
(٤) (٧/ ١٥) برقم (٢٢٦١٩)، وقال الحافظ في فتح الباري (٤/ ٣٠٤): إسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>