للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو الزيادة في الطعام والشراب واللباس في غير حاجة».

قال تعالى مادحًا عباده المقتصدين: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: ٦٧].

قال ابن كثير رحمه الله: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، أي ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم، فلا يكفونهم، بل عدلاً خيارًا، وخير الأمور أوسطها لا هذا ولا هذا (١). اهـ.

وقال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: ٢٩]، وهذا هو التوسط المأمور به، لا بخل، ولا إمساك ولا إِسراف ولا تبذير، لكن بين ذلك، قال ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى آمرًا بالاقتصاد في العيش ذامًا للبخل ناهيًا عن الإِسراف: لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك، أي لا تكن بخيلاً منوعًا لا تعطي أحدًا شيئًا، ولا تبسطها كل البسط، أي: ولا تسرف في الإِنفاق فتعطي فوق طاقتك؛ وتخرج أكثر من دخلك، فتقعد ملومًا محسورًا، أَي فتقعد إن بخلت ملومًا يلومك الناس، ويذمونك، ويستغنون عنك، كما قال زهير بن أبي سُلمى في المعلقة:

وَمَنْ كَانَ ذَا مَالٍ فَيَبْخَلُ بِمَالهِ ... عَلى قَوْمِهِ يُسْتَغْنَ عَنْهُ وَيُذْمَم

ومتى بسطت يدك فوق طاقتك قعدت بلا شيء تنفقه، فتكون كالحسير، وهي الدّابة التي عجزت عن السير. اهـ (٢).

قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ما أنفقت على نفسك وأهل بيتك في غير سرف ولا تبذير، وما تصدقت به فهو لك، وما أنفقت رياء وسمعة


(١) تفسير ابن كثير (١٠/ ٣٢٢).
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>