للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذلك حظ الشيطان (١).

وقال ابن الجوزي: العاقل يدبر بعقله معيشته في الدنيا، فإِن كان فقيرًا اجتهد في كسب وصناعة تكُفّه عن الذل للخلق، وقلل العلائق واستعمل القناعة، فعاش سليمًا من منن الناس عزيزًا بينهم، وإِن كان غنيًا فينبغي له أن يدبر في نفقته، خوفَ أن يفتقر فيحتاج إلى الذل للخلق ... » إلى آخر ما قال (٢).

وينبغي أن ينتبه لأمر، وهو أن الإِنفاق في الحق لا يُعَدُّ تبذيرًا، قال مجاهد: لو أنفق إنسان ماله كله في الحق لم يكن مبذرًا، ولو أنفق مدًّا في غير حق كان مبذرًا (٣).

ومن الإِسراف الذي يقع فيه بعض الناس: الإِسراف في الولائم وحفلات الزواج وغيرها من المناسبات صغيرة أو كبيرة، حيث تقدم بها الأطعمة أكثر من الحاجة.

ومنها الإِسراف في استخدام نعمة الماء، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس - رضي الله عنه -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيَغتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ (٤)» (٥).

وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمن أن يزيد على وضوئه ثلاث مرات.

روى النسائي في سننه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن الوضوء؟ فأراه الوضوء ثلاثًا، ثلاثًا، ثم قال: «هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ


(١) الدر المنثور (٥/ ٢٧٥).
(٢) صيد الخاطر (ص: ٤٠٤).
(٣) تفسير ابن كثير (٨/ ٤٧٥).
(٤) المد ملء كفي الرجل الممتلئ.
(٥) صحيح البخاري برقم (٢٠١)، وصحيح مسلم برقم (٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>