للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي هو قدوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقدوتنا، غير ما يذهب إليه هؤلاء، فإن دعوته مبنية على أمرين: الأول: تحقيق التوحيد والشهادة لله بالوحدانية المطلقة، مع التعظيم والإجلال والمحبة له جلا وعلا، والكفر بكل ما يعبد من دونه. الأمر الثاني: تحقيق الموالاة والمعاداة، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُون * إِلَاّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِين * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون} [الزخرف: ٢٦ - ٢٨].

وقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: ٤].

ولم تكن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم غايتها جمع الناس على حق أو باطل، بل كان صلى الله عليه وسلم فرق بين الناس، وهذا ما فهمه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعملوا به، فعندما جاء الأنصار لمبايعته في العقبة، قال لهم أسعد بن زرارة: يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم (١) جبينة، فبينوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله، فقالوا له: أمط عنا يدك يا أسعد، فوالله لا ندع هذه البيعة أبدًا، ولا نسليها (٢) أبدًا (٣).


(١) وفي رواية: خيفة.
(٢) وفي رواية: لا نستقيلها.
(٣) مسند الإمام أحمد (٢٢/ ٣٤٨) برقم ١٤٤٥٦، وقال محققوه: إسناده على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>