للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء في حديث الشفاعة: أن المؤمنين يقولون لربهم يوم القيامة: «يَا رَبَّنَا! فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا، أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ» (١).

التنبيه الثاني: قد يضطر المسلم الحريص على سلامة دينه إلى حال وسط بين الاختلاط المطلق والعزلة التامة، فيقتصر من الشرائع على فرائضها كحضور الجمع والجماعات، ومن الأحوال على الضروري منها، كتحصيل القوت لنفسه ومن يلزمه؛ ثم اعلموا أيها الدعاة إلى الله! أن الاختلاف بينكم ليس في نشر الخير بين عامة الناس، وتحذيرهم من الشر، وإنما الخلاف في بيان الموقف الحق من أصحاب الشوكة والنفوذ، الذين يقفون في طريق الدعوة ويحاربون الحق وأهله، ويسلكون في ذلك طرق التلبيس والنفاق، تارة بالإغراء والترغيب، وتارات بالقوة والتهديد.

ثم اعلموا أن الغاية من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أمران: أحدهما: إقامة دولة الإسلام، وثانيهما: بيان الحق للناس كافة، وقد تحقق ذلك له صلى الله عليه وسلم ولأصحابه على أكمل الوجوه وأتمها، ويزيد آخر الزمان أمر ثالث، وهو طلب النجاة من الفتن، وتفصيل كل ما تقدم له مكان آخر، وإلى بيان بعض فوائد العزلة والاختلاط:

«الفائدة الأولى: الفراغ للعبادة، والاستئناس بمناجاة الله سبحانه، فإن ذلك يستدعي فراغًا ولا فراغ مع المخالطة، فالعزلة وسيلة إلى ذلك.


(١) صحيح مسلم برقم ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>