للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم: وإذا نظرت إلى حال كثير من المحتضرين وجدتهم يحال بينهم وبين حسن الخاتمة، عقوبة لهم على أعمالهم السيئة (١).

قال ابن رجب: وإن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره، فتوجب له حسن الخاتمة (٢). اهـ.

وقد ذكر بعض أهل العلم أسبابًا ينشأ عنها سوء الخاتمة:

أولاً: التسويف بالتوبة، والاستمرار في المعاصي، والتهاون في فعل الواجبات، ويضمر بعضهم أنه سيتوب ولكن متى؟ يقول الأعزب: حين أتزوج، والطالب: حين أتخرج، والفقير: حين أتوظف، ويقول الصغير: حين أكبر. وهكذا يحدد كل واحد موعدًا لتوبته فيقال لهؤلاء جميعًا: من يضمن لكم بلوغ هذه الآمال، أما تخشون أن تخترمكم المنايا قبل وصولها، ثم لو وصلتم إليها هل تضمنون أن توفقوا للتوبة وقد قضيتم الأعمار في الغواية والضلال، والشهوات المحرمة التي غالبًا ما تكون سببًا لانقلاب القلوب وانتكاسها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: ٢٤].

وقال تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: ١١٠]، ثم بين


(١) الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص: ١٤٦).
(٢) جامع العلوم والحكم (ص: ١٧٢ - ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>