للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبب هذا الانقلاب فقال: {كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} أي بسبب رد الحق أول ما جاءهم، ثم قال: {وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.

وقد ذم الله قومًا طالت آمالهم حتى ألهتهم عن العمل للدار الآخرة، ففاجأهم الأجل وهم غافلون. قال تعالى: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ * ذَرْهُمْ يَاكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: ٢ - ٣].

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِيْ طَالِبٍ - رضي الله عنه -: إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمُ اثْنَتَيْنِ: طُولَ الأَمَلِ وَاتِّبَاعَ الْهَوَى، فَأَمَّا طُولُ الأَمَلِ فَإِنَّهُ يُنْسِي الآخِرَةَ، وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَإِنَّهُ يَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ (١).

ثانيًا: حب المعصية، فإن الإنسان إذا داوم على المعاصي ولم يسارع إلى التوبة منها ألفها قلبه فاستولت على تفكيره في اللحظات الأخيرة من عمره، فيموت عليها، ويبعث عليها.

روى مسلم في صحيحه من حديث جَابِرٍ - رضي الله عنه -: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ» (٢).

قال ابن كثير: والذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت مع خذلان الشيطان له، فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف الأيمان، فيقع في سوء الخاتمة (٣).

قال عبد العزيز بن أبي رواد: حضرت رجلاً عند الموت يلقن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول، ومات على ذلك، قال: فسألت عنه فإذا هو مدمن خمر، فكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب


(١) سبق تخريجه.
(٢) صحيح مسلم برقم (٢٨٧٨).
(٣) البداية والنهاية (٩/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>