للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمة الله ومحبته لاجتماع القلوب كيف حرم النميمة - وهي صدق - لما فيها من إفساد القلوب، وتوليد العداوة والوحشة، وأباح الكذب - وإن كان حرامًا - إذا كان لجمع القلوب وجلب المودة وإذهاب العداوة» (١).

ولذلك يجب الدعوة إلى هذه الركيزة العظيمة - أعني اجتماع الكلمة - والتحذير من الأسباب التي توقع في الفرقة والخلاف وهي أسباب كثيرة وفروعها متشعبة، إلا أنها ترجع في نهاية المطاف إلى أمرين اثنين:

الأول: عدم توحيد المصدر الصحيح الذي يرجع فيه إلى تطبيق شعائر الدين، وهو كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وما عليه السلف الصالح، وذلك بكثرة من يفتي وهو غير مؤهل للفتوى، وفي هذا العصر تساهل الناس في تلقي الفتوى، فصار لكل قناة من القنوات الإذاعية مفتٍ أو أكثر، والقنوات الفضائية صار لها مفتٍ أو أكثر، وكذلك الجرائد والمجلات التي تنشر الفسق والفجور لها مفتٍ، والذين يفتون المثقفون والأطباء والصحفيون والمهندسون وغيرهم من الجهال، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ اللَّه لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» (٢).


(١). سبل السلام (٨/ ٢٦٤).
(٢). صحيح البخاري برقم (١٠٠)، وصحيح مسلم برقم (٣٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>