ابن مقرن، حتى إذا كانوا بأرض العدو، خرج إليهم عامل كسرى في أربعين ألفًا، فقام ترجمان فقال: ليكلمني رجل منكم، فقال المغيرة: سل عما شئت، قال: من أنتم، قال: نحن أناس من العرب، كنا في شقاء شديد، وبلاء شديد، نمص الجلد والنوى من الجوع، ونلبس الوبر والشعر، ونعبد الشجر والحجر، فبينا نحن كذلك، إذ بعث رب السموات ورب الأرضين - تعالى ذكره وجلت عظمته- إلينا نبيًّا من أنفسنا نعرف أباه وأمه، فأمرنا نبينا رسول ربنا - صلى الله عليه وسلم - أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده، أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن رسالة ربنا أنه من قُتل منا صار إلى الجنة في نعيم لم ير مثلها قط، ومن بقي منا ملك رقابكم (١).
المثال الثاني: روى البخاري في صحيحه من حديث عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: انطلق سعد بن معاذ معتمرًا، قال: فنزل على أمية بن خلف، وكان أمية إذا انطلق إلى الشام فمر بالمدينة نزل على سعد، فقال أمية لسعد: انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس انطلقت فطفت، فبينما سعد يطوف إذا أبو جهل فقال: من هذا الذي يطوف بالكعبة؟ فقال سعد: أنا سعد، فقال أبو جهل: تطوف بالكعبة آمنًا وقد أويتم محمدًا وأصحابه؟ فقال: نعم، فتلاحيا بينهما، فقال أمية لسعد: لا ترفع صوتك على أبي الحكم، فإنه سيد أهل الوادي، ثم قال سعد: والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعن متجرك