قوله تعالى:{أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} هذا تفسير للإجابة، أي: قال لهم مخبرًا أنه لا يضيع عمل عامل منكم لديه، بل يوفى كل عامل بقسط عمله من ذكر أو أنثى.
وقوله:{بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} أي: جميعكم في ثوابي سواء، {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا} أي تركوا دار الشرك، وأتوا إلى دار الإيمان، وفارقوا الأحباب، والخلان والجيران {وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} أي: ضايقهم المشركون بالأذى حتى ألجئوهم إلى الخروج من بين أظهرهم؛ ولهذا قال:{وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي} أي: إنما كان ذنبهم إلى الناس أنهم آمنوا بالله وحده، كما قال تعالى:{يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ}[الممتحنة:١]، وقال تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨)} [البروج:٨].
قوله تعالى:{وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} وهذا أعلى المقامات أن يقاتل في سبيل الله، فيعقر جواده ويعفر وجهه بدمه وترابه، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة أن رجلًا قال: يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «نَعَمْ، إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأَنْتَ