للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كَيْفَ قُلْتَ؟»، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «نَعَمْ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ، إِلَّا الدَّيْنَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِي ذَلِكَ» (١).

ولهذا قال تعالى: {لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي: تجري في خلالها الأنهار من أنواع المشارب: من لبن، وعسل، وخمر، وماء غير آسن .. وغير ذلك مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثوابًا من عند الله، أضافه إليه، ونسبه إليه ليدل على أنه عظيم؛ لأن العظيم الكريم لا يعطي إلا جزيلًا كثيرًا، كما قال الشاعر:

إِنْ يُعَذِّبْ يَكُنْ غَرَامًا وَإِنْ يُعْـ ... ـطِ جَزِيلًا فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي

{وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} أي: عنده حسن الجزاء لمن عمل صالحًا.

قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} يقول تعالى: لا تنظر إلى ما هؤلاء الكفار مترفون فيه من النعمة، والغبطة والسرور،


(١). برقم ١٨٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>