إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِبُرْدَةٍ، فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ فَقَالَ القَوْمُ: هِيَ الشَّمْلَةُ، فَقَالَ سَهْلٌ: هِيَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكْسُوكَ هَذِهِ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْتَاجًا إِلَيْهَا فَلَبِسَهَا، فَرَأَىهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَحْسَنَ هَذِهِ، فَاكْسُنِيهَا، فَقَالَ:«نَعَمْ»، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَامَهُ أَصْحَابُهُ، قَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ، فَقَالَ: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا (١).
«والإيثار على درجات:
الأولى: أن تؤثر الخلق على نفسك فيما لا يَخْرِمُ عليك دِينًا، ولا يقطع عليك طريقًا، ولا يفسد عليك وقتًا، يعني أن تقدمهم على نفسك في مصالحهم، مثل أن تطعمهم وتجوع، وتكسوهم وتعرى، وتسقيهم وتظمأ، بحيث لا يؤدي ذلك إلى ارتكاب إتلاف لا يجوز في الدِّين ... وكل سبب يعود عليك بصلاح قلبك ووقتك وحالك مع الله فلا تؤثر به أحدًا، فإن آثرت به فإنما تؤثر الشيطان على الله وأنت لا تعلم.
الثانية: إيثار رضا الله على رضا غيره، وإن عظمت فيه المحن،