للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم، قال: فقربته إليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «كُلُوا»، وأمسك يده فلم يأكل، قال سلمان: فقلت في نفسي: هذه واحدة، ثم انصرفت عنه فجمعت شيئًا، وتحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، ثم جئته به، فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية أكرمتك بها، قال: فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها، وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال: فقلت في نفسي: هاتان اثنتان، قال: ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ببقيع الغرقد (١) قال: وقد تبع جنازة من أصحابه، عليه شملتان (٢) له، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدرت أنظر إلى ظهره، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي؟

فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استدبرته (٣)، عرف أني أستثبت في شيء وصف لي، قال: فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أُقبله وأبكي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تَحَوَّلْ» (٤) فتحولت، فقصصت عليه حديثي فأعجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسمع ذلك أصحابه.

ثم شَغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدرٌ وأحدٌ.


(١) بقيع الغرقد: موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها، كان به شجر الغرقد، فذهب وبقي اسمه. انظر النهاية (١/ ١٤٥).
(٢) الشملة: هو كساء يُتغطى به، ويُتلفف فيه. انظر النهاية (٢/ ٤٤٨).
(٣) استدبره: أتاه من ورائه. انظر لسان العرب (٤/ ٢٨٢).
(٤) تحول: من حال يحول إذا تحرك. انظر النهاية (١/ ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>