للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ثم قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كَاتِبْ (١) يَا سَلْمَانُ»، فكاتبت صاحبي على ثلاث مئة نخلة أحييها له بالفقير (٢)، وبأربعين أوقية (٣)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «أَعِينُوا أَخَاكُمْ»، فأعانوني بالنخل: الرجل بثلاثين ودية (٤)، والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة، والرجل بعشر- يعني: الرجل بقدر ما عنده - حتى اجتمعت لي ثلاث مئة ودية، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا (٥)، فَإِذَا فَرَغْتَ فَأْتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدِي».

قال سلمان - رضي الله عنه -: ففقرت لها، وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معي إليها، فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، فوالذي نفس سلمان بيده، ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل، وبقي علي المال، فأُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَا فَعَلَ الفَارِسِيُّ المُكَاتَبُ؟»، قال: فدعيت له، فقال: «خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ


(١) المكاتبة: هو أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه إليه مفرقًا، فإذا أداه صار حرًّا. انظر النهاية (٤/ ١٢٩)، جامع الأصول (٨/ ٩٠).
(٢) فقير النخلة: حفرة تحفر للفسيلة إذا تحولت لتغرس فيها. انظر النهاية (٣/ ٤١٥).
(٣) الأوقية: بضم الهمزة وتشديد الياء، هي أربعون درهمًا. انظر النهاية (١/ ٨٠).
(٤) الودي: بتشديد الياء، صغار النخل، الواحدة ودية. انظر النهاية (٥/ ١٤٨).
(٥) فقر لها: أي احفر لها موضعًا تغرس فيه. انظر النهاية (٣/ ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>