في الكتاب لمدة تزيد على الست ساعات، وهذه الوقفة ليست مريحة على الإطلاق، وإنما هي متعبة أكثر من الوقوف على الأرض، وكان مشغوفًا بالكتابة، فكان ينقل الأسانيد، فقد كتب في الكراريس الكبيرة تقريب السنة بين يدي الأمة ما يقارب أربعين ألف حديث، وعلق على جمع الطرق من هذا الكتاب، ومن ذاك الكتاب قراءة وكتابة، وهكذا وصل الشيخ إلى ما وصل إليه (١).
وللشيخ ابن باز نبأ آخر، فقد كان حريصًا على وقته حتى في حال السفر، فبمجرد ركوبه السيارة وذكره لدعاء السفر، يلتفت إلى من بجانبه من الكتاب، ويقول له: ما معك؟ فنبدأ، فتقرأ عليه بعض الكتب، وتُعرض عليه بعض القضايا والمعاملات، وهكذا حاله وهو ينتظر موعد إقلاع الطائرة، وبعد أن تقلع يكون معه كاتب أو كاتبان أو أكثر، فيتعاقبون القراءة عليه إلى حين وصول الطائرة إلى مكان هبوطها في الرياض أو الطائف أو غيرها.
وذكر الشيخ عبدالرحمن بن دايل، وهو رجل كبير السن، عاش مع سماحة الشيخ ما يقارب أربعين سنة، يقول: كنا في المدينة إبَّان عمل سماحته في الجامعة الإسلامية، وذات يوم
(١) أحداث مثيرة من حياة الإمام الألباني - رحمه الله -، بقلم الشيخ محمد المنجد، طبعة دار الإيمان سنة ٢٠٠٠ م.