سافر سماحته إلى قرية بدر التي تقع على الطريق بين جدة والمدينة على الطريق القديم، حيث ذهب لمهمة دعوة يلقي خلالها محاضرة، وكنت أنا والشيخ إبراهيم بن عبدالرحمن الحصين - رحمه الله - معه في السيارة؛ فلما بدأ سيرنا ودعا سماحته بدعاء السفر، التفت - رحمه الله - وقال: توكلوا على الله، يعني ابدؤوا بقراءة المعاملات، فقلنا: يا شيخ - غفر الله لك - نحن دائمًا نقرأ، ولا نتمكن من الخروج خارج المدينة، وهذه هي فرصتنا؛ دعنا نستمتع بالرحلة، وننظر إلى الجبال والأودية، ونتفكر في مخلوقات الله.
فضحك سماحته وقال: اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم اهدنا فيمن هديت؛ ليقرأ الشيخ إبراهيم، وأنت تفكر في مخلوقات الله كما تقول، وبعد أن ينتهي الشيخ إبراهيم، أملي عليك، وينظر الشيخ إبراهيم ويتفكر وقت الإملاء، وهكذا ..
ويقول الشيخ عبدالرحمن بن دايل: أنتم ما أدركتم نشاط سماحته؛ إذ كان في المدينة لا ينام بعد العشاء إلا متأخرًا، وكان لا ينام بعد الفجر، ولا الظهر، ولا العصر (١).
وللشيخ ابن عثيمين نبأ آخر، فقد كان يمضي وقته كله في الدروس والإفتاء والعبادة ولا ينام إلا قليلًا، وفي آخر حياته
(١) جوانب من سيرة الإمام عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -. د. محمد الحمد، ص ١٧٠ - ١٧١.