للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يألو يسرع نحو المشركين (١).

«وهذا في غاية ما يكون من الشجاعة التامة، إنه في مثل هذا اليوم في حومة الوغى (٢)، وقد انكشف عنه جيشه، وهو مع ذلك على بغلته، وليست سريعة الجري، ولا تصلح لكر ولا لفر ولا لهرب، وهو مع هذا أيضًا يركضها إلى وجوههم، وينوه باسمه ليعرفه من يعرفه، صلوات الله وسلامه عليه دائمًا إلى يوم الدين، وما هذا كله إلا ثقة بالله، وتوكلًا عليه، وعلمًا منه بأنه سينصره ويتم ما أرسله به، ويظهر دينه على سائر الأديان» (٣).

ثم نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بغلته، فاستنصر ربه ودعاه قائلًا: «اللَّهُمَّ! نَزِّلْ نَصْرَكَ (٤)، اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ أَنْ لَا تُعْبَدَ بَعْدَ اليَوْمِ» (٥).

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ (٦)، وَبِكَ أُصَاوِلُ (٧)،


(١) أخرج ذلك البخاري في صحيحه، كتاب المغازي باب قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} برقم ٤٣١٥، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين برقم ١٧٧٥.
(٢) حومة القتال: معظمه وأشد موضع فيه، انظر لسان العرب (٣/ ٤٠٧)، والوغى: الحرب نفسها، انظر لسان العرب (١٥/ ٣٥٣).
(٣) تفسير ابن كثير - رحمه الله - (٧/ ١٧٠).
(٤) صحيح مسلم برقم ١٧٧٦.
(٥) أخرج ذلك الإمام أحمد في مسنده برقم ١٢٢٢٠، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٦) أحاول: هو من المفاعلة، وقيل المحاولة: طلب الشيء بحيلة، انظر النهاية (١/ ٤٤٤).
(٧) هذه رواية الإمام أحمد في مسنده، وفي رواية ابن حبان في صحيحه: (أصول).
أصاول: أي أسطو وأقهر، والصولة: الحملة والوثبة، انظر النهاية (٣/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>