للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا} [الأعراف:١٤٠]، فدل على أن من يتبرك بشجر أو حجر فقد اتخذه إلهًا، وهذا هو الشرك، واختلاف اللفظ لا يؤثر مع اتفاق المعنى، هؤلاء قالوا: «اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» وبنو إسرائيل قالوا: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف:١٣٨] والرسول جعل هذا مثل هذا، وإن اختلف اللفظ.

أما قول عبدة القبور عن عبادتهم للقبور، هذا ليس بشرك، هذا توسل، حمية للأولياء، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» (١). فدل على أن تعظيم القبور والتبرك بها يجعلها أوثانًا تعبد من دون الله، فالعبرة في المعاني لا في الألفاظ، فاختلاف الألفاظ لا يؤثر، وإن سموه توسلًا، أو سموه إظهارًا لشرف الصالحين، أو وفاء بحقهم علينا، كما يقولون: هذا هو الشرك، سواء بسواء، فالذي يتبرك بالحجر أو الشجر أو بالقبر قد اتخذه إلهًا، وإن كان يزعم أنه ليس بإله، فالأسماء لا تغير الحقائق» (٢).

٤ - أن حسن المقاصد لا تغير من الحكم الشرعي شيئًا، هؤلاء لهم مقصد حسن، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتبر مقاصدهم، بل


(١) موطأ مالك ص ١١١ برقم ٤٩٧، وقال محققوه: صحيح لغيره.
(٢) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد للشيخ صالح الفوزان (١/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>