للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمرصاد، وأن العذاب سيخلفهم عليها ويبادرهم إليها.

قيل: لأنهم كانوا إخوة، وقد ورثوا هذه الجنة عن أبيهم، وكان يتصدق منها كثيرًا، فلما صار أمرها إليهم استهجنوا أمر أبيهم، وأرادوا استغلالها من غير أن يُعطوا الفقراء شيئًا.

قال سعيد بن جبير: قيل: كانوا من أهل اليمن من قرية يقال لها ضروان، قريبة من صنعاء، وقيل: كانوا من أهل الحبشة، وقد كان أبوهم يسير فيها سيرة حسنة، فكان ما استغله منها يرد فيها ما يحتاج إليه، ويدخر لعياله قوت سنتهم، ويتصدق بالفاضل، فلما مات وورثه بنوه قالوا: لقد كان أبونا أحمق إذ كان يصرف من هذه شيئًا للفقراء، ولو أنَّا منعناهم لتوفر ذلك علينا، فلما عزموا على ذلك عوقبوا بنقيض قصدهم، فأذهب الله ما بأيديهم بالكلية، رأس المال والربح والصدقة، فلم يبق لهم شيء.

{فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ} أي: عذاب نزل عليها ليلًا، {وَهُمْ نَائِمُونَ} فأبادها، وأتلفها {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} أي: كالليل المظلم، وذهبت الأشجار والثمار.

هذا وهم لا يشعرون بهذا الواقع الملم، ولهذا تنادوا فيما بينهم لما أصبحوا؛ يقول بعضهم لبعض: {اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ}.

فانطلقوا قاصدين لها {وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} فيما بينهم بمنع

<<  <  ج: ص:  >  >>