للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين أنه خير منه بأنه خُلق من نار، والنار أشرف مما خلقته منه وهو الطين. فنظر اللعين إلى أصل العنصر، ولم ينظر إلى التشريف العظيم، وهو أن الله تعالى خلق آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وقاس قياسًا فاسدًا في مقابلة نص قوله تعالى: {فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٢٩)} [سورة الحجر، آية رقم: ٢٩]. فشذ من بين الملائكة بترك السجود، فلهذا أبلس من الرحمة، أي آيس من الرحمة، فأخطأ قبحه الله في قياسه ودعواه أن النار أشرف من الطين أيضًا، فإن الطين من شأنه الرزانة والحلم والأناة والتثبت، والطين محل النبات والنمو والزيادة والإصلاح، والنار من شأنها الإحراق والطيش والسرعة، ولهذا خان إبليس عنصره ونفع آدم عنصره بالرجوع والإنابة والاستكانة والانقياد والاستسلام لأمر الله والاعتراف وطلب التوبة والمغفرة (١).

وفي صحيح مسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ إِبْلِيسُ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُم» (٢).

١١ - ومنها تحريم الاختيال وأنه موجب للحرمان من محبة الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ، يَمْشِي فِي بُرْدَيْهِ قَدْ


(١) تفسير ابن كثير - رحمه الله - (٦/ ٢٦٥).
(٢) برقم (٢٩٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>