للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابعًا: إن الإسبال من الكبائر، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر الغفاري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيْهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ»، قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثٍ مِرَارٍ. قَالَ أَبُوْ ذَرٍّ: خَابُوْا وَخَسِرُوَا، مَنْ هُمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: «المُسْبِلُ، وَالمَنَّانُ، وَالمُنْفِقُ سِلعَتَهُ بِالحَلِفِ الكَاذِبِ» (١)، قال الشيخ بكر أبو زيد: «فلهذه الوجوه السابقة (٢)، ورد النهي مطلقًا عن الإسبال في حق الرجال، وهذا بإجماع المسلمين إن كان لخيلاء، فإن كان لغير الخيلاء فهو محرم مذموم»، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث جابر مرفوعًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ، فَإِنَّ إِسْبَالَ الإِزَارِ مِنَ الْمَخِيلَةِ، وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ» (٣).

وظاهره أن مجرد الإسبال يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس ذلك، إضافة إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر على المسبل إسباله دون النظر في قصده الخيلاء أم لا، فقد أنكر على ابن عمر، وجابر بن سليم، وعلى عمرو الأنصاري، فرفعوا أُزرهم إلى أنصاف سوقهم، وهذا يدل بوضوح على أن الوصف بالخيلاء، وتقييد النهي به في بعض الأحاديث إنما خرج مخرج الغالب، والقيد إذا خرج مخرج الأغلب، فإنه لا مفهوم له عند عامة الأصوليين كما في قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَاّتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣]، ويستثنى من هذا


(١) برقم (١٠٦).
(٢) ما تقدم مأخوذ من رسالة (حد الثوب والأزرة وتحريم الإسبال ولباس الشهرة) للشيخ بكر أبو زيد (بتصرف).
(٣) (٣٤/ ٢٣٨) برقم (٢٠٦٣٥) وقال محققوه: حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>