للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكُفَّارِ؛ فَلَا يَفِرُّ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ، وَلَا عَشَرَةٌ مِنْ عِشْرِينَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: ٦٦] الْآيَةُ (وَلَمْ يَبْلُغُوا) أَيْ الْمُسْلِمُونَ (اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) ، فَإِنْ بَلَغُوهَا حَرُمَ الْفِرَارُ وَلَوْ كَثُرَ الْكُفَّارُ جِدًّا.

(إلَّا) شَخْصًا (مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ) : أَيْ أَظْهَرَ مِنْ نَفْسِهِ الْهَزِيمَةَ لِيَتْبَعَهُ الْكَافِرُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ فَيَقْتُلُهُ، فَاللَّامُ فِي الْقِتَالِ لِلْعِلَّةِ (أَوْ) شَخْصًا (مُتَحَيِّزًا لِفِئَةٍ) أَيْ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِيَتَقَوَّى بِهِمْ، وَهَذَا (إنْ خَافَ) الْمُتَحَيِّزُ مِنْ الْعَدُوِّ خَوْفًا بَيِّنًا وَقَرُبَ الْمُنْحَازُ إلَيْهِ.

وَ (حَرُمَ الْمُثْلَةُ) : أَيْ التَّمْثِيلُ بِالْكَافِرِ بِقَطْعِ أَنْفِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ مَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ تَمْثِيلٌ بِالْمُسْلِمِينَ، وَإِلَّا جَازَ.

(وَ) حَرُمَ (حَمْلُ رَأْسٍ) مِنْ كَافِرٍ (لِبَلَدٍ) آخَرَ غَيْرِ الَّتِي وَقَعَ بِهِ الْقِتَالُ، (أَوْ) حَمَلَهُ إلَى (وَالٍ) أَيْ أَمِيرِ جَيْشٍ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [فَإِنْ بَلَغُوهَا حَرُمَ الْفِرَارُ] : أَيْ مَا لَمْ تَخْتَلِفْ كَلِمَتُهُمْ، أَوْ يَنْفَرِدْ الْكُفَّارُ بِالْمَدَدِ. فَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ الْكُفَّارُ بِالْمَدَدِ وَلَمْ تَخْتَلِفْ الْمُسْلِمُونَ وَفَرَّ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ كَانَ فِرَارُهُ مِنْ الْكَبَائِرِ يُغْفَرُ لَهُ بِالتَّوْبَةِ أَوْ عَفْوِ اللَّهِ، وَأَمَّا لَوْ فَرَّ بَعْدَ نَقْصِ الْعَدَدِ وَاحِدٌ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: [مُتَحَيِّزًا لِفِئَةٍ] : مَحَلُّ جَوَازِ التَّحَيُّزِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُتَحَيِّزُ الْأَمِيرَ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّ شَجَاعَةَ الْأَمِيرِ فِي الثَّبَاتِ. وَشَجَاعَةَ الْجُنْدِ فِي الْوَثَبَاتِ.

قَوْلُهُ: [أَيْ التَّمْثِيلُ بِالْكَافِرِ] : أَيْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.

قَوْلُهُ: [وَإِلَّا جَازَ] : أَيْ التَّمْثِيلُ بِهِمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ.

قَوْلُهُ: [أَوْ حَمْلُهُ إلَى وَالٍ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدِ الْقِتَالِ، وَأَمَّا حَمْلُهَا فِي الْبَلَدِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُنْقَلَ إلَى وَالٍ فَجَائِزٌ، بِخِلَافِ الْبُغَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ حُرْمَةِ حَمْلِ الرَّأْسِ لِبَلَدٍ ثَانٍ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ

مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ

، كَاطْمِئْنَانِ قُلُوبِ الْمُجَاهِدِينَ وَالْجَزْمِ بِعَيْنِ الْمَقْتُولِ مَثَلًا وَإِلَّا جَازَ. فَقَدْ حُمِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>