وَنَوَى بِهِ مَالِكُهُ الْإِسْلَامَ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ حُكْمًا. وَقَوْلُنَا: " مَالِكُهُ " أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: " سَابِيهِ ".
(وَإِنْ اخْتَلَطُوا) أَيْ الْكُفَّارُ بِمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُمَيَّزُوا (غُسِّلُوا) جَمِيعًا لِلضَّرُورَةِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ. (وَمُيِّزَ الْمُسْلِمُ) مِنْهُمْ (فِي) حَالِ (الصَّلَاةِ) عَلَيْهِمْ (بِالنِّيَّةِ) بِأَنْ يُنْوَى بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمْ.
(كَشَهِيدِ مُعْتَرَكٍ) يَحْرُمُ الْغُسْلُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ حُكْمًا] : أَيْ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ.
وَهَلْ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ يَكُونُ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ مِلْكِ الْمُسْلِمِ لَهُ؟ وَهُوَ لِابْنِ دِينَارٍ.
أَوْ حَتَّى يَنْوِيَ مَالِكُهُ إسْلَامَهُ؟ وَهُوَ لِابْنِ وَهْبٍ.
أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ مِلْكَهُ وَيُزَيِّيَهُ بِزِيِّ الْإِسْلَامِ؟ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ.
أَوْ حَتَّى يَغْفُلَ وَيُجِيبَ حِينَ إثْغَارِهِ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
خَامِسًا حَتَّى يُجِيبَ بَعْدَ احْتِلَامِهِ؟ وَظَاهِرُ كَلَامِ شَارِحِنَا تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الثَّانِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَجُوسِيِّ، كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا.
قَوْلُهُ: [غُسِّلُوا جَمِيعًا] إلَخْ: أَيْ وَمُؤْنَةُ غُسْلِهِمْ وَكَفَنِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ، وَلَا يُقَالُ: الْكَافِرُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ غُسْلُ الْمُسْلِمِ وَتَكْفِينُهُ وَمُوَارَاتُهُ لَا تَتَأَتَّى إلَّا بِفِعْلِ ذَلِكَ فِي الْكَافِرِ، وَمَا لَا يَتَحَقَّقُ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. وَأَمَّا إنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِ مَالٌ فَإِنَّ مُؤْنَةَ جَمِيعِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ. وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُخْتَلِطُ بِالْكُفَّارِ مُسْلِمًا غَيْرَ شَهِيدٍ، أَمَّا إذَا اخْتَلَطَ الشَّهِيدُ بِالْكُفَّارِ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَيُدْفَنُونَ بِمَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْمُسْلِمِ. بَقِيَ مَا لَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ يُغَسَّلُ بِشَهِيدِ مَعْرَكَةٍ، فَالظَّاهِرُ أَنْ يُغَسَّلَ الْجَمِيعُ وَيُكَفَّنُوا مَعَ دَفْنِهِمْ بِثِيَابِهِمْ احْتِيَاطًا فِي الْجَانِبَيْنِ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ وَيُمَيَّزُ غَيْرُ الشَّهِيدِ بِالنِّيَّةِ.
[تَغْسِيل الشَّهِيد الْمُعْتَرَك]
قَوْلُهُ: [وَكَشَهِيدِ مُعْتَرَكٍ] : شُرُوعٌ فِي مُحْتَرَزِ الشَّرْطِ الرَّابِعِ، ثُمَّ إنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَقْتُولَ الْحَرْبِيِّ بِغَيْرِ مَعْرَكَةٍ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمُقْتَضَى مَوْضِعٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ: لَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ كَافِرٍ حَرْبِيٍّ بِغَيْرِ مَعْرَكَةٍ لِكَوْنِهِ لَهُ حُكْمُ مَنْ قُتِلَ بِهِ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، وَتَبِعَهُ سَحْنُونَ وَأَصْبَغُ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ. وَذَكَرَ شَيْخُ الْمَشَايِخِ الْعَدَوِيُّ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ