صَالِحٍ أَخَذَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ، وَمِثْلُهُ شَيْخُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ (وَ) أَمْرِ (سَيِّدٍ) لَهُ بِالْفِطْرِ؛ فَإِذَا أَفْطَرَ امْتِثَالًا لَهُمْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَضَاءُ النَّفْلِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا يُقْضَى وَمَا لَا يُقْضَى مِنْ الصَّوْمِ، شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ إذَا أَفْطَرَ وَمَا لَا يَجِبُ فَقَالَ:
(وَوَجَبَ) عَلَى الْمُفْطِرِ فِي صَوْمِهِ (إمْسَاكُ غَيْرِ مَعْذُورٍ) بَقِيَّةَ يَوْمِهِ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ (بِلَا إكْرَاهٍ) وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ: وَهُوَ مَنْ أَفْطَرَ عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا، وَالْمَعْذُورُ مَنْ أَفْطَرَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَخَذَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَهْدَ] إلَخْ: اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعَهْدَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الطَّاعَاتِ وَإِفْسَادُ الصَّوْمِ حَرَامٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إفْسَادِ صَوْمِ النَّفْلِ قُدِّمَ فِيهِ نَظَرُ الشَّيْخِ، أَلَا تَرَى الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِجَوَازِ إفْسَادِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: " الصَّائِمُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ ".
قَوْلُهُ: [وَمِثْلُهُ شَيْخُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ] : أَيْ وَكَذَا آلَاتُهُ.
[مَا يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ إذَا أَفْطَرَ وَمَا لَا يَجِبُ]
قَوْلُهُ: [مَا يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ] إلَخْ: حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِمْسَاكِ بَعْدَ الْفِطْرِ: أَنَّ الْإِمْسَاكَ فِي الْفَرْضِ الْمُعَيَّنِ سَوَاءٌ كَانَ رَمَضَانَ أَوْ نَذْرًا وَاجِبٌ، سَوَاءٌ أَفْطَرَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ غَلَبَةً بِغَيْرِ إكْرَاهٍ، أَوْ إكْرَاهٍ. وَفِي الْمَضْمُونِ فِي الذِّمَّةِ - وَهُوَ كُلُّ صَوْمٍ لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ؛ كَالنَّذْرِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَصِيَامِ الْجَزَاءِ وَالتَّمَتُّعِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَقَضَاءِ رَمَضَانَ - جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ، فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْفِطْرُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ إكْرَاهًا، وَفِي النَّفْلِ وَاجِبٌ فِي النِّسْيَانِ وَغَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْعَمْدِ الْحَرَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَأَمَّا مَا وَجَبَ فِيهِ التَّابِعُ مِنْ الصَّوْمِ وَكَانَ فَرْضًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ؛ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ، فَإِنْ كَانَ الْفِطْرُ عَمْدًا فَلَا إمْسَاكَ لِفَسَادِهِ وَإِنْ كَانَ غَلَبَةً أَوْ سَهْوًا وَجَبَ الْإِمْسَاكُ. وَكَمُلَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ اُسْتُحِبَّ الْإِمْسَاكُ فَقَطْ.
قَوْلَهُ: [وَالْمَعْذُورُ مَنْ أَفْطَرَ] : مُرَادُهُ بَيَانُ أَنَّ الْمَعْذُورَ: هُوَ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ، وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ ضِدُّهُ. وَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا الْمَجْنُونُ وَالْمُكْرَهُ، فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute