فَصْلٌ فِي اسْتِبْرَاءِ الْإِمَاءِ وَمُوَاضَعَتِهِنَّ (يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ) بِحَيْضَةٍ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِهِنَّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (بِالْمِلْكِ) : أَيْ بِحُصُولِ مِلْكِهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِانْتِزَاعِهَا مِنْ عَبْدِهِ لَا بِالزَّوَاجِ، إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي اسْتِبْرَاءِ الْإِمَاءِ وَمُوَاضَعَتِهِنَّ] [حُكْم الِاسْتِبْرَاء وَشُرُوطه]
فَصْلٌ لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ وَوَفَاةٍ وَتَوَابِعِهَا أَتْبَعَهَا بِالْكَلَامِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ الْمُشْتَقِّ مِنْ التَّبَرِّي وَهُوَ التَّخْلِيصُ؛ وَهُوَ لُغَةً الِاسْتِقْصَاءُ وَالْبَحْثُ وَالْكَشْفُ عَنْ الْأَمْرِ الْغَامِضِ، وَشَرْعًا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: الْكَشْفُ عَنْ حَالِ الْأَرْحَامِ عِنْدَ انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ مُرَاعَاةً لِحِفْظِ الْأَنْسَابِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُدَّةُ دَلِيلِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَا لِرَفْعِ عِصْمَةٍ أَوْ طَلَاقٍ، لِتَخْرُجَ الْعِدَّةُ وَيَدْخُلَ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ وَهُوَ اللِّعَانُ، وَالْمَوْرُوثَةِ لِأَنَّهُ لِلْمِلْكِ لَا لِذَاتِ الْمَوْتِ (اهـ - خَرَشِيٌّ) . قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ. ثُمَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِبْرَاءِ نَفْسُ الْحَيْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نَفْسُ الْحَيْضِ، فَكَمَا أَنَّ الْعِدَّةَ نَفْسُ الطُّهْرِ يَكُونُ الِاسْتِبْرَاءُ نَفْسَ الْحَيْضِ. ثُمَّ إنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إذَا كَانَ بِالْأَشْهُرِ يَكُونُ نَفْسَ الْأَشْهُرِ. فَيَكُونُ إضَافَةُ مُدَّةٍ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ، وَإِذَا كَانَ لِلْحَيْضِ فَالْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةٌ (اهـ) . وَحَيْثُ عَلَّقَ الْمُصَنِّفُ الْوُجُوبَ بِالِاسْتِبْرَاءِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَشْفُ عَنْ حَالِ الرَّحِمِ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاجِبُ لَا الْمُدَّةُ.
قَوْلُهُ: [أَيْ بِحُصُولِ مِلْكِهَا] : أَيْ بِسَبَبِ الْمِلْكِ الْحَاصِلِ أَيْ الْمُتَجَدِّدِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهَا الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ حَتَّى يَنْظُرَهَا النِّسَاءُ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [لَا بِالزَّوَاجِ] : إنَّمَا لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاؤُهَا بِالزَّوَاجِ لِأَنَّ شَرْطَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَنْ يَكُونَ عَلَى امْرَأَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ جَمِيعِ الْمَوَانِعِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا، بِخِلَافِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فَلَا يَشْتَرِطُ الْعِلْمَ بِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا] أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ وُهِبَتْ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute