الرُّكْنُ (الثَّالِثُ) مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ:
(الْحُضُورُ بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ) : عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَتْ، (وَلَوْ بِالْمُرُورِ) بِهَا (إنْ عَلِمَهُ) : أَيْ عَلِمَ أَنَّهُ عَرَفَةَ، (وَنَوَاهُ) : أَيْ نَوَى الْحُضُورَ الرُّكْنَ، وَهَذَانِ شَرْطَانِ فِي الْمَارِّ فَقَطْ (أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ) . وَيَكْفِي الْحُضُورُ (فِي أَيِّ جُزْءٍ) مِنْهُ؛ وَهُوَ جَبَلٌ مُتَّسِعٌ جِدًّا. وَالْحُضُورُ أَعَمُّ مِنْ الْوُقُوفِ، فَالْوُقُوفُ، لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَقَوْلُهُ: " لَيْلَةَ النَّحْرِ " هُوَ شَرْطٌ عِنْدَنَا، فَلَا يَكْفِي الْوُقُوفُ نَهَارًا بَلْ هُوَ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. (وَأَجْزَأَ) الْوُقُوفُ (بِعَاشِرٍ) : أَيْ يَوْمَ الْعَاشِرِ لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إنْ (أَخْطَئُوا) : أَيْ أَهْلُ الْمَوْقِفِ، بِأَنْ لَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ لِعُذْرٍ مِنْ غَيْمٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَأَتَمُّوا عِدَّةَ ذِي الْقَعْدَةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَوَفَّقُوا يَوْمَ التَّاسِعِ فِي اعْتِقَادِهِمْ، فَثَبَتَ أَنَّهُ يَوْمُ الْعَاشِرِ بِنُقْصَانِ ذِي الْقَعْدَةِ فَيُجْزِئُهُمْ، بِخِلَافِ التَّعَمُّدِ وَبِخِلَافِ
ــ
[حاشية الصاوي]
[الرُّكْن الثَّالِث مِنْ أَرْكَان الْحَجّ الْحُضُورُ بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ]
قَوْلُهُ: [الْحُضُورُ بِعَرَفَةَ] : وَلَا بُدَّ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا كَالسُّجُودِ، فَلَا يَكْفِي أَنْ يَقِفَ فِي الْهَوَاءِ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَانِ شَرْطَانِ فِي الْمَارِّ فَقَطْ] : أَيْ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ اسْتِقْرَارٌ وَطُمَأْنِينَةٌ، وَأَمَّا مَنْ اسْتَقَرَّ وَاطْمَأَنَّ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ وَلَا النِّيَّةُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ] : هُوَ فِي حَيِّزِ لَوْ، وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْعِلْمُ وَلَا النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ. وَأَوْلَى مِنْ الْإِغْمَاءِ النَّوْمُ أَيْ وَحَصَلَ ذَلِكَ النَّوْمُ أَوْ الْإِغْمَاءُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَاسْتَمَرَّ حَتَّى نَزَلَ مِنْ عَرَفَةَ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَالْإِجْزَاءُ بِاتِّفَاقٍ. قَالَ بَعْضٌ: وَانْظُرْ لَوْ شَرِبَ مُسْكِرًا حَتَّى غَابَ وَفَاتَ الْوُقُوفُ قَالَ الْخَرَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارٌ فَهُوَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ اخْتِيَارٌ فَلَا يُجْزِيهِ.
قَوْلُهُ: [إنْ أَخْطَئُوا] : أَيْ وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِالْفِعْلِ لَا إنْ تَبَيَّنَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَلَا يَجْزِيهِمْ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الشَّيْخِ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ التَّعَمُّدِ] إلَخْ: وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَخْطَئُوا فِي الْعَدَدِ بِأَنْ عَلِمُوا الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ الشَّهْرِ، ثُمَّ نَسُوهُ فَوَقَفُوا فِي الْعَاشِرِ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِيهِمْ. وَأَمَّا مَنْ رَأَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute