الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بِسَبَبِ سَمَاعِ الْمُسَمِّعِ، وَهَذَا كَعَطْفِ مَا هُوَ عِلَّةٌ عَلَى مَعْلُولِهِ.
(وَ) اقْتِدَاءٌ (بِرُؤْيَةٍ) لِلْإِمَامِ أَوْ لِمَأْمُومِهِ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، (وَإِنْ) كَانَ الْمَأْمُومُ (بِدَارٍ) مَثَلًا وَالْإِمَامُ بِمَسْجِدٍ مَثَلًا وَلَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ شُرُوطِ الْإِمَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فَقَالَ:
(وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ) بِالْإِمَامِ:
(نِيَّتُهُ) بِأَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ أَوْ الْمَأْمُومِيَّةَ بِالْإِمَامِ أَوْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (أَوَّلًا) : أَيْ أَوَّلَ صَلَاتِهِ قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَهَذَا هُوَ مَحَطُّ الشَّرْطِيَّةِ؛ فَمَنْ صَلَّى فَذًّا ثُمَّ رَأَى إمَامًا بَعْدَ التَّكْبِيرِ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ (وَلَزِمَ) أَيْ الِاقْتِدَاءُ الْمَأْمُومَ إذَا نَوَاهُ بِشَرْطِهِ، فَمَنْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ مُفَارَقَتُهُ. فَلِذَا فَرَّعَ عَلَى الْقَيْدَيْنِ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ قَوْلَهُ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِسَبَبِ سَمَاعِ الْمُسَمِّعِ] : أَيْ وَأَوْلَى سَمَاعُ الْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: [وَاقْتِدَاءٌ بِرُؤْيَةٍ] : أَيْ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ بِسَبَبِ رُؤْيَةٍ لَهُ أَوْ لِلْمَأْمُومِينَ. فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَرَاتِبِ الِاقْتِدَاءِ الْأَرْبَعِ؛ وَهِيَ: الِاقْتِدَاءُ بِرُؤْيَةِ الْإِمَامِ، أَوْ الْمَأْمُومِ، أَوْ بِسَمَاعِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُومِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ عَيْنُ الْإِمَامِ. وَمِمَّا يُلْغَزُ بِهِ هُنَا: شَخْصٌ تَصِحُّ صَلَاتُهُ فَذًّا أَوْ إمَامًا لَا مَأْمُومًا؟ وَهُوَ الْأَعْمَى وَالْأَصَمُّ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ التَّوَصُّلِ] إلَخْ: أَيْ خِلَافًا لِلسَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ.
[شُرُوط الِاقْتِدَاء]
[تَنْبِيه لَا يَتَوَقَّف فَضْل الْجَمَاعَة عَلَى نِيَّة الْإِمَامَة]
قَوْلُهُ: [وَهَذَا هُوَ مَحَطُّ الشَّرْطِيَّةِ] : أَيْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَتَحَقَّقُ خَارِجًا بِدُونِ نِيَّةٍ، لَكِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا وُجِدَتْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ خَارِجًا إلَّا بِهَا، فَجَعْلُهَا شَرْطًا لَا يَصِحُّ؟ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ: أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنْصَبَّةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لَا عَلَى النِّيَّةِ، فَلَوْ حَصَلَ تَأْخِيرُ النِّيَّةِ لِثَانِي رَكْعَةٍ حَصَلَ الِاقْتِدَاءُ وَلَكِنْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ لِفَقْدِ شَرْطٍ وَهِيَ الْأَوَّلِيَّةُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي عَدَّ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ رُكْنًا.
قَوْلُهُ: [فَمَنْ صَلَّى فَذًّا] : تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute