فَصْلٌ: فِي بَيَانِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ (الطَّاهِرُ: الْحَيُّ، وَعَرَقُهُ، وَدَمْعُهُ وَمُخَاطُهُ، وَلُعَابُهُ، وَبَيْضُهُ، إلَّا الْمَذِرَ وَمَا خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِهِ) : الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ الطَّهَارَةُ. فَجَمِيعُ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهَا طَاهِرٌ، وَالنَّجَاسَةُ عَارِضَةٌ. فَكُلُّ حَيٍّ - وَلَوْ كَلْبًا وَخِنْزِيرًا - طَاهِرٌ، وَكَذَا عَرَقُهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ بَيَانِ الْأَعْيَانِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ] [تَنْبِيه غَسَلَ الثَّوْب مِنْ فَضَلَات الْمُبَاح]
فَصْلٌ: هُوَ لُغَةً الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، وَاصْطِلَاحًا اسْمٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْفَنِّ مُنْدَرِجَةٌ تَحْتَ بَابٍ أَوْ كِتَابٍ غَالِبًا.
وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ بِالطَّاهِرِ طَاهِرٌ. وَبِالنَّجِسِ نَجِسٌ نَاسَبَ أَنْ يُبَيِّنَ الْأَعْيَانَ الطَّاهِرَةَ وَالنَّجِسَةَ فِي هَذَا الْفَصْلِ.
قَوْلُهُ: [الطَّاهِرُ] : بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبَاحِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، فَيَجْتَمِعَانِ فِي الْخُبْزِ مَثَلًا، وَيَنْفَرِدُ الطَّاهِرُ فِي السُّمِّ، وَيَنْفَرِدُ الْمُبَاحُ فِي الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ. كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ. وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ بَيْنَ النَّجِسِ وَالْمَمْنُوعِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ أَيْضًا؛ فَيَجْتَمِعَانِ فِي الْخَمْرِ مَثَلًا، وَيَنْفَرِدُ الْمَمْنُوعُ فِي السُّمِّ وَالنَّجِسُ فِي الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ.
قَوْلُهُ: [الْحَيُّ] : أَيْ مَنْ قَامَتْ بِهِ الْحَيَاةُ وَهِيَ ضِدُّ الْمَوْتِ، فَهِيَ صِفَةٌ تُصَحَّحُ لِمَنْ قَامَتْ بِهِ الْحَرَكَةُ الْإِرَادِيَّةُ.
قَوْلُهُ: [وَبَيْضُهُ] : أَيْ وَلَوْ مِنْ حَشَرَاتٍ.
قَوْلُهُ: [فَجَمِيعُ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ] : أَيْ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْجَمَادِ. وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ.
قَوْلُهُ: [وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهَا] : أَيْ كَالنَّبَاتَاتِ لِأَنَّهَا مِنْ الْجَمَادِ أَيْضًا، وَجَمِيعُ الْحَيَوَانَاتِ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَنِيِّ، وَهُوَ نَاشِئٌ مِنْ الْغِذَاءِ، وَهُوَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ فَلِذَلِكَ فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ " فَكُلُّ حَيٍّ " إلَخْ.
قَوْلُهُ: [فَكُلُّ حَيٍّ] : أَيْ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ شَيْطَانًا وَنَجَاسَتُهُمَا مَعْنَوِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: [وَكَذَا عَرَقُهُ] : وَلَوْ شَارِبَ خَمْرٍ.
قَوْلُهُ: [وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ] : الَّذِي هُوَ دَمْعُهُ وَمُخَاطُهُ وَلُعَابُهُ وَبَيْضُهُ. وَهِيَ طَاهِرَةٌ وَلَوْ أَكَلَ نَجِسًا، وَمَحَلُّ كَوْنِ اللُّعَابِ طَاهِرًا إنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ الْمَعِدَةِ. وَأَمَّا الْخَارِجُ مِنْ الْمَعِدَةِ فَنَجِسٌ وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَكُونَ أَصْفَرَ مُنْتِنًا.