فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ وَأَحْكَامِهَا
(الْوَلِيمَةُ وَهِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ) - بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (مَنْدُوبَةٌ) لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا وَلَوْ قَبْلَ الْبِنَاءِ سَفَرًا وَحَضَرًا فَلَا يُقْضَى بِهَا، وَقِيلَ: وَاجِبَةٌ فَيُقْضَى بِهَا (كَكَوْنِهَا) : أَيْ كَمَا يُنْدَبُ كَوْنُهَا (بَعْدَ الْبِنَاءِ) فَهُوَ مَنْدُوبٌ ثَانٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقِيلَ: إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ قَدَّمَهَا لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالْمَنْدُوبِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي الْوَلِيمَةِ وَأَحْكَامِهَا]
فَصْلٌ الْوَلِيمَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْوَلْمِ: وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ لِاجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ وَالنَّاسِ فِيهَا، وَمِنْهَا أَوْلَمَ الْغُلَامُ إذَا اجْتَمَعَ عَقْلُهُ وَخُلُقُهُ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ] : أَيْ خَاصَّةً وَلَا تَقَعُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِقَيْدٍ، بِأَنْ تَقُولَ وَلِيمَةُ الْخِتَانِ مَثَلًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ طَعَامَ الْخِتَانِ يُقَالُ لَهُ إعْذَارٌ، وَطَعَامُ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ يُقَالُ لَهُ نَقِيعَةٌ، وَطَعَامُ النِّفَاسِ يُقَالُ لَهُ خُرْسٌ بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَالطَّعَامُ الَّذِي يَعْمَلُهُ الْجِيرَانُ وَالْأَصْحَابُ لِأَجْلِ الْمَوَدَّةِ يُقَالُ لَهُ مَأْدُبَةٌ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا، وَطَعَامُ بِنَاءِ الدُّورِ يُقَالُ لَهُ وَكِيرَةٌ، وَالطَّعَامُ الَّذِي يُصْنَعُ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ يُقَالُ لَهُ عَقِيقَةٌ، وَالطَّعَامُ الَّذِي يُصْنَعُ عِنْدَ حِفْظِ الْقُرْآنِ يُقَالُ لَهُ حَذَاقَةٌ، وَوُجُوبُ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَالْحُضُورِ إنَّمَا هُوَ لِوَلِيمَةِ الْعُرْسِ، وَأَمَّا مَا عَدَاهَا فَحُضُورُهُ مَكْرُوهٌ إلَّا الْعَقِيقَةَ فَمَنْدُوبٌ كَذَا فِي الشَّامِلِ، وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: أَنَّ حُضُورَ الْكُلِّ مُبَاحٌ إلَّا وَلِيمَةَ الْعُرْسِ فَوَاجِبٌ، وَإِلَّا الْعَقِيقَةَ فَمَنْدُوبٌ، وَالْمَأْدُبَةُ إذَا فُعِلَتْ لِإِينَاسِ الْجَارِ وَمَوَدَّتِهِ فَمَنْدُوبَةٌ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا فُعِلَتْ لِلْفَخَارِ وَالْمَحْمَدَةِ فَحُضُورُهَا مَكْرُوهٌ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْبِنَاءِ] : أَيْ وَقِيلَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَفْضَلُ، وَكَلَامُ مَالِكٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ لِمَنْ فَاتَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّ الْوَلِيمَةَ لِإِشْهَارِ النِّكَاحِ، وَإِشْهَارُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَفْضَلُ كَذَا فِي (بْن) ، قَالَ الْبَدْرِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ غَايَتَهَا لِلسَّابِعِ بَعْدَ الْبِنَاءِ، فَمَنْ أَخَّرَهَا لِلسَّابِعِ كَانَتْ الْإِجَابَةُ مَنْدُوبَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute