للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَفَسَدَ) الْقَرْضُ (إنْ جَرَّ نَفْعًا) لِلْمُقْرِضِ (كَعَيْنٍ) : أَيْ ذَاتٍ - ذَهَبًا وَفِضَّةً أَوْ غَيْرَهُمَا - (كُرِهَتْ إقَامَتُهَا) عِنْدَهُ لِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ إمَّا لِثِقَلِ حَمْلِهَا فِي سَفَرٍ أَوْ خَوْفٍ سَوَّسَهَا أَوْ قَدَّمَهَا أَوْ عَفَّنَهَا أَوْ تَغَيَّرَ ذَاتُهَا بِإِقَامَتِهَا عِنْدَهُ، فَيُسَلِّفُهَا لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا فِي بَلَدٍ آخَرَ أَوْ جَدِيدًا أَوْ سَالِمًا، حَرُمَ وَيَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَفُتْ فَالْقِيمَةُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْفَسَادِ.

(إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَيَجُوزُ (كَعُمُومِ الْخَوْفِ) عَلَى الْمَالِ فِي الطُّرُقِ فَيَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَهُ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُسْلَمُ مَعَهُ، وَكَذَا إنْ قَامَ دَلِيلٌ عَلَى نَفْعِ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ، كَمَجَاعَةٍ أَوْ كَانَ بَيْعُ الْمُسَوَّسِ الْآنَ أَحَظَّ لِلْمُسَلِّفِ لِغَلَائِهِ وَرُخْصِ الْجَدِيدِ فِي إبَّانِهِ فَيَجُوزُ.

(وَمُلِكَ) الْقَرْضُ أَيْ يَمْلِكُهُ الْمُقْتَرِضُ (بِالْعَقْدِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُقْتَرَضُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ.

(وَلَا يَلْزَمُ) الْمُقْتَرِضَ (رَدُّهُ) لِرَبِّهِ

ــ

[حاشية الصاوي]

[فَسَادُ الْقَرْضُ إنْ جَرَّ نَفْعًا] [تَنْبِيه قَرْض الشَّاة الْمَسْلُوخَة]

قَوْلُهُ: [إنْ جَرَّ نَفْعًا] : أَيْ وَلَوْ قَلِيلًا، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَمِنْ ذَلِكَ فَرَّعَ مَالِكٌ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِرَبِّ الدَّيْنِ: أَخِّرْ الدَّيْنَ وَأَنَا أُعْطِيك مَا تَحْتَاجُهُ، لِأَنَّ التَّأْخِيرَ سَلَفٌ. نَعَمْ إنْ قَالَ لَهُ: أَخِّرْهُ وَأَنَا أَقْضِيه عَنْهُ جَازَ.

قَوْلُهُ: [إمَّا لِثِقَلِ حَمْلِهَا فِي سَفَرٍ] إلَخْ. تَنْوِيعٌ لِمَا قَبْلَهُ.

قَوْلُهُ: [كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْفَسَادِ] : أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَرْضِ الْأَمَةِ الَّتِي تَحِلُّ لِلْمُقْتَرِضِ أَنَّ فِي فَوَاتِهَا الْقِيمَةَ لِأَنَّ الْقَرْضَ الْمُتَّفَقَ عَلَى فَسَادِهِ كَالْبَيْعِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ.

تَنْبِيهٌ مِنْ الْقَرْضِ الْفَاسِدِ قَرْضُ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ لِيَأْخُذَ عَنْهَا كُلَّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ مَثَلًا، وَدَفْعُ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَقِيقٍ أَوْ قَمْحٍ لِخَبَّازٍ لِيَأْخُذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْ الْخُبْزِ.

قَوْلُهُ: [فَيَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَهُ] : بَلْ يَجِبُ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْمَالِ وَاجِبٌ بِأَيِّ وَجْهٍ تَيَسَّرَ حِفْظُهُ بِهِ.

[[أثر القرض]]

قَوْلُهُ: [أَيْ يَمْلِكُهُ الْمُقْتَرِضُ بِالْعَقْدِ] : أَيْ وَيَصِيرُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ يَقْضِي لَهُ بِهِ.

قَوْلُهُ: [كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ] : أَيْ وَكُلِّ مَعْرُوفٍ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بِالْعَقْدِ وَلَكِنْ لَا يَتِمُّ ذَلِكَ إلَّا بِالْقَبْضِ وَالْحِيَازَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، فَإِنْ حَصَلَ مَانِعٌ لِلْمُتَصَدِّقِ أَوْ الْوَاهِبِ أَوْ فَاعِلِ الْمَعْرُوفِ بِغَيْرِ الْقَرْضِ قَبْلَ الْحَوْزِ بَطَلَ بِخِلَافِ الْقَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَوْزِ، فَلَوْ حَصَلَ لِلْمُقْرِضِ مَانِعٌ قَبْلَ الْحَوْزِ لَمْ يَبْطُلْ كَمَا يُفِيدُهُ بْن خِلَافًا

<<  <  ج: ص:  >  >>