للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبُّ الدَّارِ بَيْنَ دَفْعِ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا أَوْ أَمَرَهُ بِنَقْضِهِ كَالْغَاصِبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا إذَا لَمْ يَقُلْ رَبُّهَا: عَمِّرْ وَمَا صَرَفْته فَعَلَيَّ، فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَا صَرَفَهُ. وَقَوْلُنَا: " وَخُيِّرَ السَّاكِنُ فِي مُضِرٍّ ": أَيْ إذَا لَمْ يَصْلُحْ الْمُؤَجَّرُ كَمَا قَدَّمْنَا، فَإِنْ أَصْلَحَ لَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ، بَلْ يُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: بِخِلَافِ سَاكِنٍ أَصْلَحَ لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: قَبْلَ خُرُوجِهِ أَنَّهُ لَوْ أَصْلَحَ لَهُ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ.

(وَالْقَوْلُ) عِنْدَ التَّنَازُعِ بَيْنَ الْأَجِيرِ وَمُسْتَأْجِرِهِ (لِلْأَجِيرِ أَنَّهُ أَوْصَلَ مَا أُرْسِلَ بِهِ) مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى إيصَالِهِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ غَيْرِهِ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ؛ بِأَنْ كَانَ الْأَمَدُ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً فَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ. فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ يَضْمَنُ إذَا أَنْكَرَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْوُصُولَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ لَا فِي الضَّمَانِ، فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الضَّمَانِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [بَلْ يُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى] : أَيْ حَيْثُ كَانَتْ وَجِيبَةً أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهَا وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: [حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ] : حَتَّى غَائِيَّةٌ بِمَعْنَى " إلَى " مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ.

تَنْبِيهٌ: إنْ غَارَتْ عَيْنُ الْمُكْرِي لِأَرْضِ زِرَاعَةٍ سِنِينَ بَعْدَ زَرْعِهَا وَأَبَى الْمُكْرِي مِنْ التَّعْمِيرِ أَنْفَقْت أَيُّهَا الْمُكْتَرِي أُجْرَةَ سَنَةٍ لِيَتِمَّ زَرْعُك فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَيَلْزَمُ الْمُكْرِي مَا أَنْفَقْت لِأَنَّك قُمْت عَنْهُ بِوَاجِبٍ، فَلَوْ كَانَ لَا يُصْلِحُهَا إلَّا أَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ سَنَةٍ وَأَبَى رَبُّهَا مِنْ الْإِصْلَاحِ وَمِنْ الْإِذْنِ فَأَنْفَقَ الْمُكْتَرِي كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ، فَإِنْ أَبَى مِنْ الْإِنْفَاقِ أَيْضًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِأَنَّ هَلَاكَ الزَّرْعِ مِنْ الْعَطَشِ كَذَا فِي الْأَصْلِ.

[التَّنَازُعِ بَيْنَ الْأَجِيرِ وَمُسْتَأْجِرِهِ]

[تَنْبِيهٌ ادَّعَى الصَّانِعُ الِاسْتِصْنَاعَ]

قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ] : رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِيَمِينِهِ.

قَوْلُهُ: [حَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ] : أَيْ إنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ وَلَا أُجْرَةَ.

قَوْلُهُ: [لَا فِي نَفْيِ الضَّمَانِ] : أَيْ ضَمَانِ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: [فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الضَّمَانِ] : قَالَ خَلِيلٌ فِي الْوَدِيعَةِ عَاطِفًا عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ أَوْ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمُنْكِرُ وَلَا بَيِّنَةَ. وَقَالَ فِي الْوَكَالَةِ: وَضَمِنَ إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ وَلَمْ يُشْهِدْ قَالَ شُرَّاحُهُ وَمِثْلُ الدَّيْنِ غَيْرُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>