للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلَغَ نِصَابًا لِمُسْتَحِقِّهِ إِن تَمَّ الْمِلْكُ وَحَوْلٌ غَيْرِ مَعْدِنٍ وَحَرْثٍ.

فَقَالَ:

(الزَّكَاةُ) الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسَةِ (فَرْضُ عَيْنٍ) .

(عَلَى الْحُرِّ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَلَا تَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [بَلَغَ نِصَابًا] : هُوَ فِي اللُّغَةِ الْأَصْلُ، وَشَرْعًا: الْقَدْرُ الَّذِي إذَا بَلَغَهُ الْمَالُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ، وَسَمِّي نِصَابًا أَخْذًا لَهُ مِنْ النُّصُبِ؛ لِأَنَّهُ كَعَلَامَةٍ نُصِبَتْ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ.

وَقَوْلُهُ: [لِمُسْتَحِقِّهِ] : مُتَعَلِّقٌ بِإِخْرَاجٍ وَالْمُسْتَحَقُّونَ هُمْ الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.

قَوْلُهُ: [إنْ تَمَّ الْمِلْكُ وَحَوْلٌ] إلَخْ: اُخْتُلِفَ فِي الْمِلْكِ التَّامِّ، قِيلَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ لَا شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَمِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ السَّبَبِ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ شَرْطٌ نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْوُجُوبِ وَلَا عَدَمِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى شُرُوطٍ أُخَرَ، كَالْحَوْلِ وَالْحُرِّيَّةِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ كَالدَّيْنِ. وَأَمَّا الْحَوْلُ فَهُوَ شَرْطٌ بِلَا خِلَافٍ لِصِدْقِ تَعْرِيفِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ وُجُوبِهَا وَلَا عَدَمُهُ لِتَوَقُّفِ وُجُوبِهَا عَلَى مَالِ النِّصَابِ وَفَقْدِ الْمَانِعِ كَالدَّيْنِ.

قَوْلُهُ: [غَيْرُ مَعْدِنٍ وَحَرْثٍ] : أَيْ وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَتَوَقَّفَانِ عَلَى الْحَوْلِ، بَلْ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِنِ بِالْخُرُوجِ أَوْ بِالتَّصْفِيَةِ وَفِي الْحَرْثِ بِالطَّيِّبِ وَسَيَأْتِي.

[حُكْم الزَّكَاةِ وَشُرُوط وُجُوبهَا]

قَوْلُهُ: [فَلَا تَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ] إلَخْ: أَيْ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ كَالْمُكَاتَبِ. وَكَمَا أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ فِي مَالِهِ لَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ إخْرَاجُهَا عَنْ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ لَا يُعَدُّ مَالِكًا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُنْتَزَعَ الْمَالُ مِنْهُ، فِيمَنْ يَجُوزُ لَهُ انْتِزَاعُهُ وَيَمْكُثُ عِنْدَهُ حَوْلًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَفِي الشَّاذِلِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: عِنْدِي أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يُزَكِّيه السَّيِّدُ أَوْ الْعَبْدُ، لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِأَحَدِهِمَا قَطْعًا، فَكَأَنَّهُ جَعَلَهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ. إنْ قُلْت: قَوْله تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: ٧٥] : يَقْتَضِي أَنَّ الْعَبْدَ لَا مِلْكَ لَهُ كَمَا يَقُولُ غَيْرُنَا، فَكَيْفَ نَقُولُ إنَّهُ يَمْلِكُ لَكِنَّ مِلْكًا غَيْرُ تَامٍّ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ الصِّفَةَ مُخَصَّصَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>