(فَلَوْ شَكَّ: هَلْ تَوَضَّأَ؟ قَطَعَ) : يَعْنِي لَوْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِيهَا هَلْ حَصَلَ مِنْهُ وُضُوءٌ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعُ الصَّلَاةِ وَيَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ. وَهَذَا حُكْمُ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا طُرُوُّ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فِي الصَّلَاةِ؛ وَهِيَ الشَّكُّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا، فَهَلْ حُكْمُهُ كَالْأُولَى؟ أَوْ كَالثَّانِيَةِ فَيَقْطَعُ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ. لِأَنَّ الشَّكَّ فِيهَا أَقْوَى مِنْ الْأُولَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(وَمَنَعَ الْحَدَثُ صَلَاةً وَطَوَافًا وَمَسَّ مُصْحَفٍ أَوْ جُزْئِهِ وَكَتْبَهُ وَحَمْلَهُ وَإِنْ بِعَلَّاقَةٍ أَوْ ثَوْبٍ) : يَعْنِي أَنَّ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ - وَأَوْلَى الْأَكْبَرُ - يَمْنَعُ التَّلَبُّسَ بِالصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ. إذْ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِمَا الطَّهَارَةُ فَلَا يَنْعَقِدَانِ بِدُونِهَا. وَيَمْنَعُ أَيْضًا مَسَّ الْمُصْحَفِ الْكَامِلِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ - وَإِنْ آيَةً - وَلَوْ مَسَّ ذَلِكَ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ أَوْ بِعُودٍ. وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ كَتْبُهُ، فَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ أَنْ يَكْتُبَ الْقُرْآنَ أَوْ آيَةً مِنْهُ، وَلَا أَنْ يَحْمِلَهُ -
ــ
[حاشية الصاوي]
عَلَى مَأْمُومِهِ، لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ إلَّا فِي سَبْقِ الْحَدَثِ وَنِسْيَانِهِ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَبِيلِ نِسْيَانِ الْحَدَثِ.
قَوْلُهُ: [وَيَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّهُ شَاكٌّ فِي الشَّرْطِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَضُرُّ اتِّفَاقًا.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ الظَّاهِرُ] : أَيْ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الشَّرْطِ أَيْضًا، وَأَمَّا لَوْ شَكَّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ هَلْ أَحْدَثَ أَمْ لَا؟ فَالْوُضُوءُ بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ جَزْمًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّكِّ قَبْلَهَا وَالشَّكِّ فِيهَا، أَنَّ الشَّكَّ فِيهَا ضَعِيفٌ لِكَوْنِهِ دَخَلَ الصَّلَاةَ بِيَقِينٍ فَلَا يَقْطَعُهَا إلَّا بِيَقِينٍ. وَأَمَّا مَنْ شَكَّ خَارِجَهَا فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا إلَّا بِطَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ، وَأَمَّا إذَا حَصَلَ الشَّكُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَضُرُّ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ الْحَدَثَ.
[مَا يَمْنَعهُ الْحَدَث]
[لَطِيفَة فِي تَفْسِير لَا يَمَسّهُ إلَّا المطهرون]
قَوْلُهُ: [التَّلَبُّسُ بِالصَّلَاةِ] إلَخْ: سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا. وَمِنْ الصَّلَاةِ: سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ.
قَوْلُهُ: [مَسُّ الْمُصْحَفِ] إلَخْ: وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ جِلْدُهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ مِنْهُ. وَأَحْرَى طَرَفُ الْمَكْتُوبِ وَمَا بَيْنَ الْأَسْطُرِ.
قَوْلُهُ: [كَتْبُهُ] : أَيْ بِالْعَرَبِيِّ وَمِنْهُ الْكُوفِيُّ، لَا بِالْعَجَمِيِّ فَيَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ بَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لَهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْأَقْرَبُ مَنْعُ كَتْبِهِ بِغَيْرِ الْقَلَمِ الْعَرَبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute