(أَوْ بِمَرَضِ) الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا اعْتِصَارَ، لَتَعَلُّقِ حَقِّ وَرَثَتِهِ بِالْهِبَةِ.
(كَوَاهِبٍ) : أَيْ كَمَرَضِهِ الْمَخُوفِ؛ فَإِنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الِاعْتِصَارِ؛ لِأَنَّ اعْتِصَارَهَا قَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ (إلَّا أَنْ يَهَبَ) الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ (عَلَى هَذِهِ) : أَيْ عَلَى حَالَةٍ مِنْ هَذِهِ (الْأَحْوَالِ) كَأَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُتَزَوِّجًا أَوْ مَدِينًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ يَكُونَ الْوَالِدُ مَرِيضًا فَلَهُ الِاعْتِصَارُ.
(أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ) الْقَائِمُ بِالْوَاهِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، فَلَهُ الِاعْتِصَارُ بِخِلَافِ زَوَالِ النِّكَاحِ أَوْ الدَّيْنِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّ الْمَرَضَ لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالدَّيْنِ (انْتَهَى) ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ زَوَالَ الْفَوَاتِ كَزَوَالِ الْمَرَضِ.
(وَكُرِهَ) لِمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ (تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ) تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ (بِغَيْرِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ بِمَرَضِ الْوَلَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ] : أَيْ مَرَضًا مَخُوفًا.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَهَبَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ عَلَى هَذِهِ] : اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ كَانَتْ الْهِبَةُ لِغَيْرِ مَدِينٍ وَمُتَزَوِّجٍ وَمَرِيضٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَثْنَى.
قَوْلُهُ: [لَمْ يُعَامِلْهُ النَّاسُ عَلَيْهِ] : أَيْ بَلْ هُوَ أَمْرٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَإِذَا زَالَ عَادَ الِاعْتِصَارُ. بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالدَّيْنِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَمْرٌ عَامَلَهُ النَّاسُ بَعْدَ الْهِبَةِ عَلَيْهِ فَيَسْتَمِرُّونَ عَلَى الْمُعَامَلَةِ لِأَجْلِهِ لِانْفِتَاحِ بَابِهَا فَيَسْتَمِرُّ عَلَى عَدَمِ الِاعْتِصَارِ.
قَوْلُهُ: [كَزَوَالِ الْمَرَضِ] : أَيْ فِي كَوْنِهِ يُسَوِّغُ الِاعْتِصَارَ.
[تَمَلُّكُ الصَّدَقَة]
قَوْلُهُ: [وَكُرِهَ لِمَنْ تَصَدَّقَ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَنْزِيهًا، وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِالتَّحْرِيمِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِتَشْبِيهِهِ فِي الْحَدِيثِ بِأَقْبَحِ شَيْءٍ وَهُوَ عَوْدُ الْكَلْبِ فِي قَيْئِهِ. لَمَّا «أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شِرَاءَ فَرَسٍ تَصَدَّقَ بِهَا نَهَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» ، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ مَثَّلَ بِغَيْرِ مُكَلَّفٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ شَنَّعَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ إنَّ الْقَصْدَ مِنْ التَّشْبِيهِ الذَّمُّ وَزِيَادَةُ التَّنْفِيرِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْحُرْمَةِ (اهـ بْن) وَلَا فَرْقَ فِي كَرَاهَةِ تَمَلُّكِ الصَّدَقَةِ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ كَوْنِهَا وَاجِبَةً كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ أَوْ مَنْدُوبَةً وَلَوْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاكُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ الصَّدَقَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْعَارِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَجَازَ لِمُعْرٍ وَقَائِمٍ مَقَامَهُ اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ أَعْرَاهَا إلَخْ، وَالْعُمْرَى فَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ يَجُوزُ لِلْمُعْمِرِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute