بَابٌ فِي الْقَذْفِ (الْقَذْفُ) : مُبْتَدَأٌ: وَيُسَمَّى فِرْيَةً وَرَمْيًا وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ. (رَمْيُ) خَبَرٌ (مُكَلَّفٍ) : هُوَ فَاعِلُ الرَّمْيِ، مَجْرُورٌ بِالْإِضَافَةِ. (وَلَوْ) كَانَ الرَّامِي (كَافِرًا) أَوْ سَكْرَانَ بِحَرَامٍ، وَخَرَجَ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ بِحَلَالٍ وَقَوْلُهُ:
(حُرًّا) مَفْعُولُ الْمَصْدَرِ: وَهُوَ الْمَقْذُوفُ.
(مُسْلِمًا) مُسْتَمِرٌّ إسْلَامُهُ لِوَقْتِ إقَامَةِ الْحَدِّ؛ فَإِنْ ارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ فَلَا حَدَّ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي الْقَذْفِ] [قَذْفَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ]
بَابٌ:
هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَأَصْلُهُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الرَّمْيِ بِالْمَكَارِهِ.
قَوْلُهُ: [وَيُسَمَّى فِرْيَةً وَرَمْيًا] : أَمَّا تَسْمِيَتُهُ فِرْيَةً كَأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ رَمْيًا فَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] .
قَوْلُهُ: [وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ] : أَيْ وَلِذَلِكَ أَوْجَبَ اللَّهُ فِيهِ الْحَدَّ. فَإِنْ قُلْت: لَوْ نَسَبَ شَخْصٌ غَيْرَهُ لِلْكُفْرِ لَمْ يُحَدَّ وَلَوْ نَسَبَهُ لِلزِّنَا حُدَّ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ النِّسْبَةَ لِلزِّنَا أَشَدُّ مِنْ النِّسْبَةِ لِلْكُفْرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْكُفْرَ يُوجِبُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّ النِّسْبَةَ لِلْكُفْرِ لَا تُسَلَّمُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا بِخِلَافِ النِّسْبَةِ لِلزِّنَا فَيُمْكِنُ التَّسْلِيمُ وَتَلْحَقهُ الْمَعَرَّةُ نَظِيرَ مَا قَالُوهُ فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْتَلُ مُطْلَقًا. بِخِلَافِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقْتَلُ مَا لَمْ يَتُبْ أَفَادَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [كَافِرًا] : أَيْ تَحْتَ ذِمَّتِنَا.
قَوْلُهُ: [وَخَرَجَ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ] إلَخْ: أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ حَدُّ الْقَذْفِ.
قَوْلُهُ: [مَفْعُولُ الْمَصْدَرِ] : أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ:
وَبَعْدَ جَرِّهِ الَّذِي أُضِيفَ لَهُ ... كُمِّلَ بِنَصْبٍ أَوْ بِرَفْعِ عَمَلِهِ
قَوْلُهُ: [مُسْتَمِرٌّ إسْلَامُهُ] : الْمُنَاسِبُ نَصْبُهُ لِأَنَّهُ نَعْتُ سَبَبِيٌّ لِمُسْلِمًا.