للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِثْلِ) لَا إنْ وَجَبَتْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَلَا تُفْسَخُ إنْ اُطُّلِعَ عَلَيْهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ. وَبَيَّنَ مَا يَجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِقَوْلِهِ:

(بِأَنْ خَرَجَا عَنْهَا) : أَيْ عَنْ الْمُسَاقَاةِ إلَى إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ بَيْعٍ فَاسِدٍ كَبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا. وَإِنَّمَا فُسِخَتْ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ فِيهَا أَجْرَ مَا عَمِلَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْفَسْخِ.

وَأَمَّا مَا تَجِبُ فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَإِنَّمَا يُفْسَخُ مَا لَمْ يَعْمَلْ، فَإِنْ عَمِلَ فَقَدْ فَاتَتْ بِالْعَمَلِ وَوَجَبَ التَّمَادِي فِيهَا إلَى تَمَامِ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَرُدَّ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ إلَّا مِنْ الثَّمَرِ فَلَوْ فُسِخَتْ فِي الْأَثْنَاءِ لَزِمَ أَلَّا يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ وَهُوَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فِيمَا عَمِلَهُ، وَمَثَّلَ لِمَا فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِالْخُرُوجِ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: (كَاشْتِرَاطِهِ زِيَادَةَ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، فَيُوجِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِخُرُوجِهِمَا عَنْهَا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ كَانَتْ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْهَا إلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي حَائِطٍ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ وَبِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ، وَذَلِكَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُوجِبُ الرَّدَّ لِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَيَحْسِبُ مِنْهَا تِلْكَ الزِّيَادَةَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْعَامِلِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْهَا إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى الْجُزْءَ الْمُسَمَّى بِمَا دَفَعَهُ لِرَبِّ الْحَائِطِ وَبِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَوَجَبَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَيَأْخُذُ مَا دَفَعَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

الْوَاجِبُ فِيهَا مُسَاقَاةَ الْمِثْلِ لَمْ تُفْسَخْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ، وَتَبْقَى لِانْقِضَاءِ أَمَدِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْعَامِلِ فِي الثَّمَرَةِ، فَلَوْ فُسِخَ الْعَقْدُ قَبْلَ طَيْبِهَا لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْجُعْلِ لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ.

[مَا تَجِبُ فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ]

[تَتِمَّة إذَا قَصْر الْعَامِل فِي الْمُسَاقَاة]

قَوْلُهُ: [كَاشْتِرَاطِهِ زِيَادَةَ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ] : هَذَا إذَا كَانَ لَا ضَرُورَةَ فَإِذَا كَانَتْ ضَرُورَةً - كَأَلَّا يَجِدَ رَبُّهُ عَامِلًا إلَّا مَعَ دَفْعِهِ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الْجُزْءِ - فَيَجُوزُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِرَاجٍ - كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.

قَوْلُهُ: [فَقَدْ خَرَجَا عَنْهَا] : أَيْ عَنْ حَقِيقَةِ الْمُسَاقَاةِ.

قَوْلُهُ: [الْجُزْءُ الْمُسَمَّى] : أَيْ الْمُسَمَّى لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ أَوْ نِصْفٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>