بَابٌ فِي الْفَلَسِ وَأَحْكَامِهِ وَالْفَلَسُ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُمْ فِي الْعَدَمِ. وَالتَّفْلِيسُ أَعَمُّ وَأَخَصُّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنَ بِمَالِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: الْأُولَى قَبْلَ التَّفْلِيسِ: وَهِيَ مَنْعُهُ وَعَدَمُ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ مِنْ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كَخِدْمَةٍ وَإِقْرَارٍ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي الْفَلَسِ وَأَحْكَامِهِ] [أحوال إحاطة الدِّين]
بَابٌ لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُتَعَلِّقِ الرَّهْنِ - وَكَانَ مِنْهُ الْحَجْرُ الْخَاصُّ عَلَى الرَّاهِنِ وَمَنْعُهُ التَّصَرُّفَ فِي الرَّهْنِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ - شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَجَرِ الْعَامِ: وَهُوَ إحَاطَةُ الدَّيْنِ وَالْفَلَسِ. وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: عَدَمُ الْمَالِ، وَالتَّفْلِيسُ: خَلْعُ الرَّجُلِ مِنْ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ. وَالْمُفْلِسُ: الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْفَلَسِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْفُلُوسِ الَّتِي هِيَ أَحَدَ النُّقُودِ - عِيَاضٌ: أَيْ أَنَّهُ صَارَ صَاحِبَ فُلُوسٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذَا ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي كُلٍّ مِنْ عَدَمِ الْمَالِ. يُقَالُ: أَفْلَسَ الرَّجُلُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ فَهُوَ مُفْلِسٌ.
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ [فِي الْفَلَسِ] : أَيْ تَعْرِيفُهُ وَحَقِيقَتُهُ وَبِأَحْكَامِهِ مَسَائِلِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ.
قَوْلُهُ: [يُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُمْ فِي الْعَدَمِ] : أَيْ فِي عَدَمِ الْمَالِ بِأَنْ يُحِيطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ.
قَوْلُهُ: [وَالتَّفْلِيسُ أَعَمُّ وَأَخَصُّ] : فَالْأَعَمُّ هُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ خَلْعُ الْمَالِ وَالْأَخَصُّ خَلْعُهُ بِالْفِعْلِ.
قَوْلُهُ: [مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ] : أَيْ وَأَمَّا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَكِسْرَةٍ لِسَائِلٍ وَضَحِيَّةٍ وَنَفَقَةِ ابْنِهِ وَأَبِيهِ دُونَ سَرَفٍ فِي الْجَمِيعِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: [وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ] : أَيْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ.
وَقَوْلُهُ: [وَمَنْعُهُ حَتَّى مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ] : أَيْ وَلَوْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute