ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يُفَوِّتُ الْمَغْصُوبَ فَقَالَ: (وَفَاتَ) الْمِثْلِيُّ وَكَذَا الْمُقَوَّمُ (بِتَغَيُّرِ ذَاتِهِ) عِنْدَ الْغَاصِبِ بِهُزَالٍ أَوْ عَرَجٍ أَوْ عَوَرٍ وَنَحْوِهَا، فَأَوْلَى ذَهَابُ عَيْنِهِ بِمَوْتٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ ضَيَاعٍ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَنَقْلِهِ) لِبَلَدٍ وَلَوْ لَمْ وَيَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَمَعَ الْكُلْفَةِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا. (وَدُخُولِ صَنْعَةٍ فِيهِ) : أَيْ فِي الْمَغْصُوبِ (كَنُقْرَةٍ) : أَيْ قِطْعَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَنُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ (صِيغَتْ) حُلِيًّا أَوْ آنِيَةً (وَطِينٍ لُبِّنَ) بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ بِالْكَسْرِ أَيْ جُعِلَ لَبِنًا بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَأَوْلَى الْبِنَاءُ بِهِ (وَقَمْحٍ) مَثَلًا (طُحِنَ) وَدَقِيقٍ عُجِنَ وَعَجِينِ خُبْزٍ، فَإِنَّهُ فَوَاتٌ هُنَا. بِخِلَافِهِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ فَلَمْ يَجْعَلُوهُ نَاقِلًا، فَمَنَعُوا التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ احْتِيَاطًا لِلرِّبَا، وَهُنَا احْتَاطُوا لِلْغَاصِبِ فَلَمْ يُضَيِّعُوا كُلْفَةَ فِعْلِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ - وَإِنْ ظَلَمَ - لَا يُظْلَمُ: وَقَالَ أَشْهَبُ: إنَّهُ لَا يُنْقَلُ هُنَا كَالرِّبَوِيَّاتِ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (وَحَبٍّ بُذِرَ) وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " زَرْعٌ ".
وَمَتَى حَصَلَ فَوَاتٌ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، بَلْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ مِثْلِهِ إلَّا بِرِضَا الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ
ــ
[حاشية الصاوي]
[مَا يَفُوتُ بِهِ الْمَغْصُوب]
قَوْلُهُ: [وَنَحْوِهَا] : أَيْ كَالطَّحْنِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَسَيَذْكُرُ أَمْثِلَةَ ذَلِكَ بَعْدُ.
قَوْلُهُ: [وَدُخُولِ صَنْعَةٍ] : عَطْفُ خَاصٍّ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ بِتَغَيُّرِ ذَاتِهِ.
قَوْلُهُ: [حُلِيًّا أَوْ آنِيَةً] : أَيْ أَوْ ضُرِبَتْ دَرَاهِمَ.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ أَشْهَبُ] إلَخْ: كَلَامُهُ وَإِنْ كَانَ وَجِيهًا غَيْرَ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ.
قَوْلُهُ: [وَحَبٍّ بُذِرَ] : الْبَذْرُ إلْقَاءُ الْحَبِّ عَلَى الْأَرْضِ فَمَتَى حَصَلَ وَإِنْ لَمْ يُغَطِّهِ طِينُ الْأَرْضِ كَانَ مُفَوَّتًا.
[فَرْعٌ ضمان جَنِين الْحَيَوَان الْحَامِل]
قَوْلُهُ: [إلَّا بِرِضَا الْغَاصِبِ] : أَيْ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مِثْلُ بَذْرِ الْحَبِّ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ مُقَوَّمًا] : حَذَفَ كَانَ مَعَ اسْمِهَا وَأَبْقَى خَبَرَهَا وَهُوَ جَائِزٌ لِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ:
وَيَحْذِفُونَهَا وَيُبْقُونَ الْخَبَرْ ... وَبَعْدَ إنْ وَلَوْ كَثِيرًا ذَا اشْتُهِرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute