للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَارَّةِ نَفْعًا: شَهَادَةُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ لِلْمُنْفِقِ، بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْمُنْفِقِ لِمُنْفَقٍ عَلَيْهِ.

(وَلَا) شَهَادَةَ لِشَاهِدٍ (إنْ دَفَعَ بِهَا) : أَيْ بِشَهَادَتِهِ ضَرَرًا (كَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ) خَطَأً، لِأَنَّهُ دَفَعَ بِهَا الْغُرْمَ فِي الدِّيَةِ عَنْ نَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا لَا يَلْزَمُهُ مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ فَتَجُوزُ.

(أَوْ) شَهَادَةَ (مَدِينٍ مُعْسِرٍ لِرَبِّهِ) : أَيْ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ فَلَا تُقْبَلُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِ مُطَالَبَةِ رَبِّ الدَّيْنِ لَهُ بِدَيْنِهِ. وَلِذَا لَوْ ثَبَتَ عُسْرُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ جَازَتْ لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ. كَمَا تَجُوزُ مِنْ الْمَلِيءِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ.

(وَلَا) شَهَادَةَ لِشَاهِدٍ (إنْ شَهِدَ) لِشَخْصٍ (بِاسْتِحْقَاقٍ) لِشَيْءٍ.

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْمُنْفِقِ لِمُنْفَقٍ عَلَيْهِ] : أَيْ نَفَقَةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ أَصَالَةً. وَأَمَّا مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ أَصَالَةً فَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ لِأَجْلِ الْقَرَابَةِ، قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مِنْ قَرَابَةِ الشَّاهِدِ كَالْأَخِ وَنَحْوِهِ يَنْبَغِي أَلَّا تَجُوزَ شَهَادَتُهُ لَهُ بِمَالٍ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ لَا تَلْزَمُهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ بِعَدَمِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ مَعَرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الشَّاهِدِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ، الصَّقَلِّيُّ: هَذَا اسْتِحْسَانٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْقَرِيبِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ (اهـ كَذَا فِي بْن) .

وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ تُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ وَإِلَّا كَانَ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ: أَوْ بِمَالٍ لِمَدِينِهِ وَكَمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ بِقَتْلٍ أَوْ زِنًا وَهُوَ مُحْصَنٌ، لِضَعْفِ التُّهْمَةِ لِكَوْنِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ غَيْرَ وَاجِبَةٍ أَصَالَةً.

قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا] : هَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَإِطْلَاقُ الْخَرَشِيِّ ضَعِيفٌ كَمَا أَفَادَهُ (بْن) .

[شَهَادَة مدين مُعْسِر لِرَبِّ الدِّين]

قَوْلُهُ: [أَوْ شَهَادَةُ مَدِينٍ مُعْسِرٍ] : أَيْ وَلَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ وَإِلَّا قُبِلَتْ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: [بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ] : أَيْ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالْمَالِ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: [كَمَا تَجُوزُ مِنْ الْمَلِيءِ] : أَيْ الَّذِي لَا يَتَضَرَّرُ بِالدَّفْعِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَدِينِ الَّذِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ مَنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِأَخْذِ الدَّيْنِ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ ثَابِتَ الْعُسْرِ أَوْ مَلِيًّا لَا يَتَضَرَّرُ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>